Fatıma Zehra ve Fatımiler
فاطمة الزهراء والفاطميون
Türler
وقد شغلت طائفة المؤرخين الأقدمين والمحدثين بدعوة القرامطة وأشباههم في اليمن وفارس وادعائهم النسبة إلى الإسماعيلية في المغرب مع مجاهرتهم بالمعاصي واجترائهم على مناسك الحج وتمثيلهم بالحجاج من الرجال والنساء، فخطر لهذه الطائفة من المؤرخين أن علاقة النسب بين القرامطة والإسماعيليين جد تحتمل البحث، ويؤدي البحث فيها إلى ثبوت العلاقة بين هؤلاء وهؤلاء.
وأغرب الغرائب أن أحدا من أولئك المؤرخين لم يخطر له أن يسأل: لماذا لم يظهر في المغرب - حيث تقوم الدولة الفاطمية كلها - أناس من دعاة الإباحية والعصيان، كالذين ظهروا في البحرين واليمن وفارس وبعض بقاع الشام؟
فمن نظرة سريعة يمكن أن يتبين الناظر في التاريخ أن الانتماء إلى الإسماعيليين مفهوم من أناس يقيمون في بلاد الدولة العباسية ويعلنون الخروج عليها، فهم في حاجة إلى سلطان مشروع يقاومون به سلطانها المخلوع، وانتماؤهم إلى الفاطميين أو الإسماعيليين هو السند الذي يركنون إليه في محاربة الدولة العباسية وإنكار حقها في الطاعة والولاء، ولو كان نشر الدعوة الفاطمية يتولاه دعاة العصيان والمعاصي لكان أولى البلاد أن تظهر فيه طوائف الإباحة هي بلاد المغرب حيث دان القوم لخلافة الفاطميين.
ولقد حدث فعلا أن القرامطة خلعوا البيعة الفاطمية ورجعوا إلى الدعاء على المنابر باسم الخليفة العباسي حين وقعت النبوة
1
بينهم وبين الخليفة الفاطمي في القاهرة، وسول لهم الطمع أنهم قادرون على فتح مصر بعد أن جربوا قوتهم وحيلتهم في فتح أطراف من بلاد الشام.
وقد يكون أغرب من هذا أن يقال من جهة: إن الإباحة هي الدرجة السابعة أو الثامنة التي يصل إليها المريد المترقي في كشف الحجب وعلم الأسرار، ثم يقال من جهة أخرى: إن هذه الإباحة سر مباح في الطريق يعكف عليها المؤمن جهرة ويردده الشعراء ويتغنى به القيان.
لم ينفصل علم النفس وعلم التاريخ في بحث من البحوث كما انفصلا في بحث قضية الإسماعيلية والباطنية، ولهذا كثر فيه التخبط وقل فيه الثبوت والوضوح، ونحسب أن محنة التاريخ هنا أصعب من كل محنة؛ لأن المؤرخ هنا يعمل عملين ولا يستقل بعمل واحد: يعمل لمعرفة الحقيقة ويعمل لاستخلاصها من الأباطيل التي تحجبها عن عمد وتدبير، وواحد من هذين العملين كثير على مؤرخي الورق والحروف.
إننا عرفنا ألوانا من النظم السرية التي اصطلحت عليها الجماعات المتسترة في العصور القديمة، وبعضها ديني يتخذ له أغراضا سياسية كالجماعات الأورفية والجماعات الفيثاغورية، ولا ندري الآن كيف تكشفت هذه النظم المزعومة، بل لا ندري هل هي في الحق كانت موجودة متبعة أو هي أوهام وتخمينات من وحي الاستطلاع والاستنباط.
ولكننا إذا سمعنا عن نظم سرية في عصور التاريخ القريب فلا معنى في هذه الحالة للإحالة على القدم أو للخبط في الظنون؛ إذ يحق لنا في هذه الحالة أن نسأل عن المريد الذي تدرج في مراتب الباطنية حتى وصل إلى قيادة الدعوة ثم خانها وأفشى أسرارها، أو يحق لنا أن نسأل عن الحاكم الذي تعقب الجماعة بعيونه وجواسيسه حتى كشف عن بواطنها ، أو يحق لنا أن نسأل عن الأوراق المطوية التي نشرت بعد العثور عليها في إبانها أو بعد انقضاء زمانها. ولسنا نذكر فيما اطلعنا عليه من أخبار الباطنية أن أحدا تحدث عن مريد واحد صعد على مراتبها من درجة التلميذ المبتدئ إلى درجة الحجة المطلع على جميع خفاياها، ولا أن أوراقا لها فصلت فيها نظمها وأسرارها وأذيعت في أوانها أو بعد أوانها، بل زعم الرواة أن الذي فضح الجماعة وأنكر على جعفر الصادق نفسه دعواه، قبل دعوى إسماعيل ابنه وخلفائه، هو عبد الله بن ميمون القداح. ومن هو عبد الله بن ميمون القداح؟ هو واضع النظام كله ومرتب الدرجات كلها ومصطنع التخفي والتنكر لبلوغ مقصده من الدعوة باسم إسماعيل بن جعفر الصادق جد الإماميين أجمعين.
Bilinmeyen sayfa