270

Rabbanî Zafer

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

Araştırmacı

أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]

Yayıncı

مكتبة الجيل الجديد

Yayın Yeri

صنعاء - اليمن

وللناس في معنى هذا قولان:
أحدهما: أن هذا التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال: كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا، وإنا نتوسلك إليك بعم نبينا.
وهو في صحيح البخاري (١) وغيره، فقد ذكر عمر ﵁ أنهم كانوا يتوسلون بالنبي-﵌[٤] في حياته في الاستسقاء، ثم توسلوا بعمه العباس بعد موته، وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه، فيكون هو وسيلتهم إلى الله. والنبي ﵌ كان مثل هذا شافعا وداعيا لهم.
والقول الثاني: أن التوسل به ﵌ يكون في حياته وبعد موته (٢)، وفي حضرته ومغيبه. ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به ﵌ في حياته، وثبت التوسل بغيره من الأحياء بعد موته بإجماع الصحابة سكوتيا لعدم إنكار أحد منهم على عمر ﵁ في توسله بالعباس ﵁.
وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي ﵌ كما زعمه الشيخ عز (٣) بن عبد السلام لأمرين:

(١) في صحيحه رقم (١٠١٠) وطرفه (٣٧١٠).
(٢) قال ابن تيمية في قاعدة التوسل والوسيلة (ص ١٥٢): فلو كان التوسل به حيا وميتا سواء، والمتوسل به الذي دعا له الرسول كمن لم يدع له الرسول، لم يعدلوا عن التوسل به -وهو أفضل الخلق وأكرمهم على ربه، وأقربهم إليه وسيلة- إلى أن يتوسلوا بغيره ممن ليس مثله. وكذلك لو كان أعمى توسل به ولم يدعو له الرسول بمنزلة ذلك الأعمى، لكان عميان الصحابة أو بعضهم مثل ما فعل الأعمى فعدولهم عن هذا إلى هذا- مع أنهم السابقون الأولون المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فإنهم أعلم منا بالله ورسوله، وبحقوق الله ورسوله، وما يشرع من الدعاء وينفع وما لم يشرع ولا ينفع وما يكون أنفع من غيره. وهم في وقت ضرورة ومخمصة وجدب يطلبون تفريج الكربات، وتيسير العسير، وإنزال الغيث بكل طريق ممكن - دليل على أن المشروع ما سألوه دون ما تركوه.
(٣) ذكره ابن تيمية في " الفتاوى " (١/ ٣٤٧).

1 / 314