53

Kadir'in Zaferi

فتح القدير

Yayıncı

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٤ هـ

Yayın Yeri

بيروت

وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ لِلشَّكِّ فَقَدْ تَوَسَّعَ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ لِمُجَرَّدِ التَّسَاوِي مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَقِيلَ إِنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَأَنْشَدَ: وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّي فَاجِرٌ ... لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا وَقَالَ آخَرُ: نَالَ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ وَالْمُرَادُ بِالصَّيِّبِ: الْمَطَرُ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ صَابَ يَصُوبُ: إِذَا نَزَلَ. قَالَ عَلْقَمَةُ: فَلَا تَعْدِلِي بَيْنِي وَبَيْنَ مُغَمَّرٍ ... سقتك روايا المزن حَيْثُ تَصُوبُ وَأَصْلُهُ صَيُّوبٌ، اجْتَمَعَتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَسُبِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغَمَتْ، كَمَا فَعَلُوا فِي مَيِّتٍ وَسَيِّدٍ. وَالسَّمَاءُ فِي الْأَصْلِ: كُلُّ مَا عَلَاكَ فَأَظَلَّكَ. وَمِنْهُ قِيلَ لِسَقْفِ الْبَيْتِ سَمَاءٌ. وَالسَّمَاءُ أَيْضًا: الْمَطَرُ سُمِّيَ بِهَا لِنُزُولِهِ مِنْهَا، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ نُزُولُهُ بِجَانِبٍ مِنْهَا دُونَ جانب، وإطلاق السماء على المطر واقع كثير فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانٍ: دِيَارٌ من بني الحسحاس قفر ... تعفّيها الرّوامس وَالسَّمَاءُ وَقَالَ آخَرُ: إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ..... وَالظُّلُمَاتُ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا، وَإِنَّمَا جَمَعَهَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ انْضَمَّ إِلَى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ظُلْمَةُ الْغَيْمِ. وَالرَّعْدُ: اسْمٌ لِصَوْتِ الْمَلَكِ الَّذِي يَزْجُرُ السَّحَابَ. وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «سَأَلَتِ الْيَهُودُ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الرَّعْدِ مَا هُوَ؟ قَالَ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِيَدِهِ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟ قَالَ: زَجْرَهُ بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ. قَالَتْ: صَدَقْتَ» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. وَقِيلَ: هُوَ اضْطِرَابُ أَجْرَامِ السَّحَابِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ مِنْهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ تَبَعًا لِلْفَلَاسِفَةِ وَجَهَلَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْبَرْقُ مِخْرَاقُ حَدِيدٍ بِيَدِ الْمَلَكِ الَّذِي يَسُوقُ السَّحَابَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ تَبَعًا لِلْفَلَاسِفَةِ: إِنَّ الْبَرْقَ مَا يَنْقَدِحُ مِنَ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ الْمُتَرَاكِمَةِ مِنَ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَعِّدَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى جُزْءٍ نَارِيٍّ يَتَلَهَّبُ عِنْدَ الِاصْطِكَاكِ. وَقَوْلُهُ: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: فَكَيْفَ حَالُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّعْدِ؟ فَقِيلَ: يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ. وَإِطْلَاقُ الْأُصْبُعِ عَلَى بَعْضِهَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ، وَالْعَلَاقَةُ الْجُزْئِيَّةُ وَالْكُلِّيَّةُ لِأَنَّ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الْأُذُنِ إِنَّمَا هُوَ رَأْسُ الْأُصْبُعِ لا كُلِّهَا. وَالصَّوَاعِقُ وَيُقَالُ الصَّوَاقِعُ: هِيَ قِطْعَةُ نَارٍ

1 / 57