194

Kadir'in Zaferi

فتح القدير

Yayıncı

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٤ هـ

Yayın Yeri

بيروت

صَبَرُوا عَلَى الْعُقُوبَةِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. وَحَكَى الزَّجَّاجُ أَنَّ الْمَعْنَى: مَا أَبْقَاهُمْ عَلَى النَّارِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا أَصْبَرَ فُلَانًا عَلَى الْحَبْسِ، أَيْ: مَا أَبْقَاهُ فِيهِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: مَا أَقَلَّ جَزَعَهُمْ مِنَ النَّارِ، فَجَعَلَ قِلَّةَ الْجَزَعِ صَبْرًا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَقُطْرُبٌ: أَيْ: مَا أَدْوَمَهُمْ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَقِيلَ: «مَا» اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَمَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ أَصْبَرَهُمْ عَلَى عَمَلِ النَّارِ؟ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ. ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الْإِشَارَةُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ إِلَى الْأَمْرِ، أَيْ: ذَلِكَ الْأَمْرُ وَهُوَ الْعَذَابُ. قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّ خَبَرَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: ذَلِكَ مَعْلُومٌ. وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هُنَا الْقُرْآنُ بِالْحَقِّ أَيْ: بِالصِّدْقِ وَقِيلَ: بِالْحُجَّةِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هُنَا: التَّوْرَاةُ، فَادَّعَى النَّصَارَى أَنَّ فِيهَا صِفَةَ عِيسَى وأنكرهم الْيَهُودُ وَقِيلَ: خَالَفُوا مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ: الْقُرْآنُ، وَالَّذِينَ اخْتَلَفُوا: كُفَّارُ قُرَيْشٍ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ: هُوَ سِحْرٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. لَفِي شِقاقٍ أَيْ: خِلَافٍ بَعِيدٍ عَنِ الْحَقِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الشِّقَاقِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَهُودُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَتَمُوا اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَأَخَذُوا عَلَيْهِ طَمَعًا قَلِيلًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدَيْنِ ضَعِيفَيْنِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى قَالَ: اخْتَارُوا الضَّلَالَةَ عَلَى الْهُدَى وَالْعَذَابَ عَلَى الْمَغْفِرَةِ. فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ قَالَ: مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى عَمَلِ النَّارِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ ابن مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ قال: ما أعملهم بِأَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا لَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ صَبْرٍ وَلَكِنْ يَقُولُ: مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ يَقُولُ: مَا الَّذِي أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ؟ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ قَالَ: فِي عداوة بعيدة. [سورة البقرة (٢): آية ١٧٧] لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧) قَوْلُهُ: لَيْسَ الْبِرَّ قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ وَالِاسْمُ أَنْ تُوَلُّوا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الِاسْمُ، قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لَمَّا أَكْثَرُوا الْكَلَامَ فِي شأن القبلة

1 / 198