109

Kadir'in Zaferi

فتح القدير

Yayıncı

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٤ هـ

Yayın Yeri

بيروت

الْإِحْسَانُ. انْتَهَى. وَالْخُسْرَانُ: النُّقْصَانُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ. وَالسَّبْتُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: الْقَطْعُ، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ تَمَّتْ فِيهِ وَانْقَطَعَ الْعَمَلُ وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّبُوتِ، وَهُوَ الرَّاحَةُ وَالدَّعَةُ. وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: السَّبْتُ: مَصْدَرُ سَبَتَتِ الْيَهُودُ، إِذَا عَظَّمَتْ يَوْمَ السَّبْتِ. انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْيَهُودَ افْتَرَقَتْ فِرْقَتَيْنِ: فَفِرْقَةٌ اعْتَدَتْ فِي السَّبْتِ: أَيْ جَاوَزَتْ مَا أَمَرَهَا اللَّهُ بِهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِ فَصَادُوا السَّمَكَ الَّذِي نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ صَيْدِهِ فِيهِ وَالْفِرْقَةُ الْأُخْرَى انْقَسَمَتْ إِلَى فِرْقَتَيْنِ: فَفِرْقَةٌ جَاهَرَتْ بِالنَّهْيِ وَاعْتَزَلَتْ وَفِرْقَةٌ لَمْ تُوَافِقِ الْمُعْتَدِينَ وَلَا صَادُوا مَعَهُمْ لَكِنَّهُمْ جَالَسُوهُمْ وَلَمْ يُجَاهِرُوهُمْ بِالنَّهْيِ وَلَا اعْتَزَلُوا عَنْهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا وَلَمْ تَنْجُ إِلَّا الْفِرْقَةُ الْأُولَى فَقَطْ، وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمِحَنِ الَّتِي امْتَحَنَ اللَّهُ بِهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَالَغُوا فِي الْعَجْرَفَةِ وَعَانَدُوا أَنْبِيَاءَهُمْ، وَمَا زَالُوا فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُظْهِرُونَ مِنْ حَمَاقَاتِهِمْ وَسُخْفِ عُقُولِهِمْ وتعنتهم نوعا من أنواع التعسف، وشعبة مِنْ شُعَبِ التَّكَلُّفِ فَإِنَّ الْحِيتَانَ كَانَتْ فِي يَوْمِ السَّبْتِ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ «١» فَاحْتَالُوا لِصَيْدِهَا، وَحَفَرُوا الْحَفَائِرَ وَشَقُّوا الْجَدَاوِلَ، فَكَانَتِ الْحِيتَانُ تَدْخُلُهَا يَوْمَ السَّبْتِ فَيَصِيدُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَذِهِ الْحِيلَةِ الْبَاطِلَةِ. وَالْخَاسِئُ: الْمُبْعَدُ، يُقَالُ: خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ وَخُسِئَ وَانْخَسَأَ: أَبْعَدْتُهُ فَبَعُدَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئًا «٢» أَيْ مبعدا. وقوله: اخْسَؤُا فِيها «٣» أَيْ تَبَاعَدُوا تَبَاعُدَ سُخْطٍ، وَيَكُونُ الْخَاسِئُ بمعنى الصاغر. والمراد هنا. كونوا [جامعين] «٤» بين المصير إلى أشكال القردة مع كونكم مطرودين صاغرين، فقردة خبر الكون. وخاسئين خَبَرٌ آخَرُ وَقِيلَ: إِنَّهُ صِفَةٌ لِقِرَدَةٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَاخْتُلِفَ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلْناها وَفِي قَوْلِهِ: لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها فَقِيلَ: الْعُقُوبَةُ، وَقِيلَ: الْأُمَّةُ، وَقِيلَ: الْقَرْيَةُ، وَقِيلَ: الْقِرَدَةُ، وَقِيلَ: الْحِيتَانُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَالنَّكَالُ: الزَّجْرُ وَالْعِقَابُ، وَالنِّكْلُ: الْقَيْدُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ وَيُقَالُ لِلِجَامِ الدَّابَّةِ: نِكْلٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا، وَالْمَوْعِظَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنَ الِاتِّعَاظِ وَالِانْزِجَارِ، وَالْوَعْظُ: التَّخْوِيفُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْوَعْظُ التَّذْكِيرُ بِالْخَيْرِ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الطُّورُ: الْجَبَلُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ التَّوْرَاةُ، وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَسْفَلَ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الطُّورُ مَا أَنْبَتَ مِنَ الْجِبَالِ، وَمَا لَمْ يُنْبِتْ فَلَيْسَ بِطُورٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ قال: أي بجد. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ قَالَ: اقْرَءُوا مَا فِي التَّوْرَاةِ وَاعْمَلُوا بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَنْزِعُونَ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عنه قال: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ أي عرفتم الَّذِينَ اعْتَدَوْا يَقُولُ: اجْتَرَءُوا فِي السَّبْتِ بِصَيْدِ السَّمَكِ، فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً بِمَعْصِيَتِهِمْ، وَلَمْ يَعِشْ مَسِيخٌ قَطُّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَنْسِلْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ قَالَ: الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ مِنْ نَسْلِ الَّذِينَ مُسِخُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: انْقَطَعَ ذَلِكَ النَّسْلُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مُسِخَتْ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُمْسَخُوا قِرَدَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ

(١) . الأعراف: ١٦٣. (٢) . الملك: ٤. (٣) . المؤمنون: ١٠٨. (٤) . من الكشاف ١/ ٢٨٦. [.....]

1 / 113