83

Açık Zafer

الفتح المبين بشرح الأربعين

Yayıncı

دار المنهاج

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Yayın Yeri

جدة - المملكة العربية السعودية

Türler

وأما النهي. . فإما عن تفضيلٍ في ذات النبوة أو الرسالة؛ إذ هم فيها سواء، أو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيصِ بعضهم، أو على التواضع منه بقوله: "لا تفضلوني على الأنبياء"، وإما قبل علمه بتفضيله عليهم وإن استبعد بأن راويَهُ أبو هريرة، وما أسلم إلا سنة سبعٍ، فيبعد أنه لم يعلمه إلا بعد هذا. وأجاب جمعٌ كمالكٍ وإمام الحرمين عن خبر يونس بما حاصله: أن تفضيل نبينا ﷺ بالأمور الحِسِّية كالشفاعة الكبرى، وكونه تحت لوائه، والإسراء به إلى فوق سبع سماوات مع النزول بيونس إلى قعر البحر. . معلومٌ بالضرورة، فلم يبقَ إلا النهي بالنسبة إلى القرب والبعد من اللَّه ﷾ المتوهم التفاوت فيه بين من فوق السماوات، ومن في قعر البحر، فبيَّن ﷺ أنهما حينئذٍ بالنسبة إلى القرب والبعد من اللَّه ﷾ على حد سواء؛ لتعاليه تعالى عن الجهة والمكان علوًا كبيرًا، ففيه أبلغ ردٍّ على الجِهَوية والمجسمة، قاتلهم اللَّه تعالى ما أجهلهم! لا يقال: هو تعالى فضَّل الملأ الأعلى على الحضيض الأدنى (١)، فكيف لا يفضله باعتبار ذلك؟! لأنا نقول: ليس النهي عن مطلق التفضيل، بل عن تفضيلٍ مقيدٍ بالمكان يفهم منه القرب المكاني، فهو لم يفضله باعتبار استواء الجهتين بالنسبة إلى وجود الحق ﷾. واعلم: أن في حديث: "أنا سيد العالمين" أبلغَ ردٍّ على المعتزلة (٢) في تفضيلهم الملائكةَ على الأنبياء كان و"افقهم الباقلاني والحليمي رحمهما اللَّه تعالى، قالوا: لأنهم أرواحٌ منزَّهةٌ عن الشر بسائر مبادئه وغاياته، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتعلمون منهم، وقُدِّموا في القرآن والسنة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الذكر (٣). والجواب: أن ذلك التنزيه هو المقتضي لمفضوليتهم؛ لأن غيرهم لمَّا اكتسب الفضائل والكمالات العلمية والعملية مع ما رُكِّب فيهم من الشهوة والهوى، وسُلِّط

(١) الملأ الأعلى: أهل السماوات، والحضيض الأدنى: أهل الأرض. (٢) قوله: (أبلغَ ردٍّ) بالنصب اسم (إن) مؤخرًا. اهـ "مدابغي". (٣) انظر "المنهاج في شعب الإيمان" (١/ ٣٠٩) وما بعدها.

1 / 87