Mısır'ın Araplar Tarafından Fethi

Muhammed Farid Ebu Hadid d. 1387 AH
87

Mısır'ın Araplar Tarafından Fethi

فتح العرب لمصر

Türler

مرة قبل ولايته، فلما ولي البطرقة أرسل كتابا إلى أساقفته قال لهم فيه: «لقد رأيت في مقامي في حلوان وبابليون جماعة من أهل العناد والكبر، وكانوا قسوسا أو شمامسة، وما أشد ما كرهت نفسي أفعالهم، وإني باعث بكتابي هذا إلى الأساقفة جميعا آمرهم أن ينظروا مرة في كل شهر في أمر كل من عندهم ممن لم تمض عليه عشر سنوات في زمرة أهل الدين.»

قال صاحب الديوان: «وقد دل بخطابه هذا على أنه كان كبير الأساقفة حقا.» ثم ظهر أمره بعد ذلك ظهورا أجلى وأوضح عندما نفى من الدين جماعة من رجال الكنيسة في إقليم بابليون، وقد أعقب كتابه بزيارة. وجاء في الأخبار أنه في أثناء زيارته تلك سار راجلا من بابليون «يصحبه «أبامينا» أسقف حصن بابليون، و«بليهيو» أسقف حلوان، وجمع كثير من الناس»، وذهب إلى رجل اشتهر بالعصيان ليحاسبه على ما أجرم، ودعا عليه فأرسل الله على داره نارا من السماء، وكان الناس يتلقونه أفواجا أينما سار لينالوا من بركته.

وبقي على حاله هذه يطهر الكنيسة ويجزي المسيء من أهلها ، فعرف الناس في كل البلاد أن دونهم رجلا يعتد به. ولا شك في أنه عمل على إعادة وحدة الكنيسة القبطية، وعلى أن يعيد إليها اطمئنانها واستقرارها بعد أن زعزعتها حوادث السياسة في ذلك الوقت أو كادت تهدمها. وقضى بنيامين أربع سنين أو خمسا

7

في سلام تحت ظل الفرس في الإسكندرية، وهناك رأى «شاهين» وقد دعاه سيده «كسرى» ليعمل إذا استطاع على مداركة أمره، ثم رأى بعد ذلك جنود الفرس تجلو عن مصر عندما غلب هرقل ملكهم وقهره. ولسنا ندري كيف كان نظره إلى هؤلاء الكفرة وقد رآهم يحملون الرماح ويتنكبون القسي وهم خارجون من الباب الشرقي للمدينة العظمى، ولا ما دار بنفسه وهو يتوقع عودة الروم بعد ذلك.

وأكبر الظن أن أكثر الفرس خرجوا من مصر في أول سنة 627،

8

وأن البعض القليل منهم قد بقي في مسالح متفرقة إلى سنة 628، وخرجوا بعد ذلك عندما تم الصلح مع هرقل، وعاد في ذلك الوقت سجناء المصريين إلى ديارهم قافلين من «دستجرد» وما إليها من مدائن آسيا. ولعل هرقل قد أرسل جيشا بعد أن دخل القسطنطينية ظافرا منصورا، أرسله في البحر في شتاء سنة 628-629 ليحتل مصر ويعيد أمر الدولة الرومانية من فلسطين إلى بلاد «بنطابوليس».

وإنا لا يسعنا إلا أن نقر بأن هرقل إنما كان من أحسن الناس قصدا عندما بعث قيرس الذي كان أسقف «فاسيس» في بلاد القوقاز وولاه رياسة الدين في الإسكندرية، ولكن عمله هذا كان خطأ كبيرا، وكان له أسوأ العواقب؛ فقد كان المسيحيون جميعا قد اتفقوا اتفاقا عجيبا عندما رأوا حرب هرقل وجهاده مع الفرس ذلك الجهاد المدهش، وكانوا يرقبونه وأنفاسهم خاشعة في الصدور من عظم ما كان في نفوسهم. فلما أن هزم الكفار وخلص بيت المقدس منهم وعلا أمر الصليب، فرح المسيحيون بالنصر على اختلاف نحلهم من قبط وملكانيين، وكذلك أظهروا سرورهم جميعا بما حل باليهود من النقمة، واشتركوا كلهم فيما أمرهم به زعماؤهم من التوبة تكفيرا عن ذنبهم هذا، فكانت تلك الساعة فرصة من ذهب لو اغتنموها لأدت إلى وفاق دائم ووئام حق. وقد فطن هرقل إلى هذا، وكان يعرف تعلق أهل ذلك العصر بأن يكون لهم شعار يحفظونه ومقولة يقولونها، غير أنه لم يفطن إلى أن مذهبه الذي حاول به التوفيق قد يأباه أهل مصر، ولم يعرف أن أهل مصر إذا أبوا ذلك المذهب كان شر الطرق إلى ضمهم إلى الجماعة أن يرغمهم عليه ويقذف به في حلوقهم؛ إذ قد كرهوا مرارة مذاقه منذ ذاقوه. وعلى أي حال قد كانت هذه خطته في مصر والشام، وكان من رأي ذلك العصر أن أمور الدين والعقيدة مما ينبغي للدولة أن تقوم عليه ويصدر الناس فيه عن أمرها، ولم يكن الإمبراطور في هذا الشأن أحكم رأيا من أهل عصره، فعقد النية على أن يظهر المذهب الذي ابتدعه رؤساء الدين الثلاثة في دولته على كل ما عداه من المذاهب المخالفة له، متوسلا إلى غرضه هذا بكل الوسائل حسنها وقبيحها.

ولكنه مع عزمه هذا كان كمن يسعى إلى المصائب سعيا؛ وذلك أنه اختار «قيرس» دون سواه إذ كان ذلك الرجل نحسا أنكد النقيبة، أخفق الإمبراطور بشؤمه في سعيه لتوحيد المذاهب في مصر، ثم عسف في الحكم حتى صار اسمه مفزعا للقبط كريها عندهم مدة عشر سنين أمعن فيها ما استطاع في اضطهاد مذهبهم، حتى استحال بعد أن يبقى في القبط ولاء لدولة الروم، وكان ظالما أساء في حكمه حتى كره الناس دولته، ومهد السبيل بذلك إلى فتح العرب للبلاد، وكان فوق كل ذلك خائنا، فإذا ما اشتد الكرب وجد الجد أسلم البلاد إلى أعدائها. كان هذا هو الرجل الذي ذاع سوءه وقبح ذكره، وهو المعروف فيما بعد في تاريخ مصر باسم «المقوقس». وقد بقي ذلك الحاكم في التاريخ سرا خفيا استعصى على المؤرخين أن يعرفوا اسمه أو قومه، ولكن قد أصبح اليوم من الثابت أنه هو قيرس دون سواه.

Bilinmeyen sayfa