Mısır'ın Araplar Tarafından Fethi
فتح العرب لمصر
Türler
أكسفورد، في 22 سبتمبر سنة 1902
الفصل الأول
خروج هرقل
استهل القرن السابع والدولة الرومانية تلوح كأنها تنحدر من حال الاضمحلال إلى حال الذهاب والفناء، وقد كانت تلك الدولة قبل ذلك بستين عاما قد أبلغها سلطان جستنيان إلى بلاد القوقاز وبلاد العرب شرقا، وإلى أعمدة هرقل
1
غربا، وقد كان لذلك العاهل شخصية قوية ملكت على الناس عقولهم، حتى لكان يخيل إليهم - كما قال القائل - «أن العالم كله أضيق من أن يسعه».
2
وقد كان مجده وأبهة ملكه مساويين لقوته وسلطانه، وكان حزمه عدلا لمجده، حينا من الدهر على الأقل، وكان فوزه في ميادين العلوم والفنون فوزا باهرا، حتى إنه ليبز انتصاره في ميادين الحروب؛ فإن عملية الجليلين اللذين يقترنان باسمه لا يزال باقيا منهما قانونه ومجموعة أحكامه يسايران الأيام، مشهودا لهما أنهما عمدتان في فقه القانون، في حين أن كنيسة «أيا صوفيا» لا تزال على مر الأيام ماثلة يشهد لها الدهر أنها أبدع أثر وأجل مثل في طراز البناء البيزنطي.
على أن خطر الاضمحلال كان ماثلا حتى في أيام «جستنيان»؛ فقد توالت النوازل على الدولة حتى خشي عليها، فمن فساد خلقي إلى آخر سياسي. وزادت عليها نكبات طبيعية؛ فاجتاح الوباء بلاد الشرق كلها بادئا من مدينة «الفرما»، ثم ما زال يعصف ببلاد مصر جائسا خلالها إلى أن بلغ بلاد «لوبيا»، وأنشب مخالبه في فلسطين وما يليها من بلاد فارس إلى القسطنطينية. وأعقب الوباء الزلزال، فدمر من المدن ما قد يعدل ما أصاب أهل الدولة من «الموت الأسود»؛ فكانت آخر أيام ذلك العاهل القانوني تغشاها سحابة دكناء من الهم وتوقع البلاء. وما كادت أيام حكم خلفه «جستن» تقترب من نهايتها حتى كانت حكومة الدولة تتصدع، وقد كانت أيام ذلك الحكم قصيرة ولا روح فيها، وانتهى العاهل منها بالجنون. فلما جاء بعده «تيبريوس» سنة 578 أمل الناس أن يكون أسعد طالعا من سلفه، وقد كان يرجى منه على الأقل أن يسعى ليوقف تيار الاضمحلال، ولكن الأجل لم يمهله حتى يظهر قدره، فخلف لمن جاء بعده، وهو «موريق»، خزائن خاوية، وشعبا متذمرا، ودولة غير متماسكة.
وما كان لمثل ذلك الكرب أن ينفرج إلا على يدي رجل له أعظم عقل، ولا يخطئ له رأي. ولم يكن «موريق» بذلك الرجل، مع أنه كان يقصد خيرا؛ فقد أفسد عليه خططه وخيب سياسته عيب طالما أفسد أحسن الخطط والآراء عند تنفيذها، ألا وهو قلة الاعتداد بتغير الظروف والأحوال سفها وجهلا، فأدخل على جيشه بدعا يريد بها إصلاح شأنه، وكان ذا دراية بفنون الحرب وخططه، وما أحسن ما كتبه في ذلك الشأن، غير أن ذلك لم يحفظ كتائبه من الهزيمة، ثم إنه عمد إلى الاقتصاد، وأخذ نفسه بذلك أخذا شديدا لكي يصلح من حال الدولة المالية، فخاب سعيه فيما قصد إليه، ولم يفد إلا أن أمل شعبه وأبعده عنه كرها، فثار به، ورمى بالتاج مزدريا إلى جندي جاهل مشوه الخلقة، وهو «فوكاس».
Bilinmeyen sayfa