Fetih Beyan
فتح البيان في مقاصد القرآن
Yayıncı
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
Yayın Yeri
صَيدَا - بَيروت
Türler
Tefsir
تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله ﷾، والثالث التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلًا، والتفسير تابعًا له فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفًا، الرابع التفسير بأن مراد الله سبحانه كذا على القطع من غير دليل، الخامس التفسير بالاستحسان والهوى والتقليد.
(أقول) إن التفسير الذي ينبغي الاعتداد به والرجوع إليه هو تفسير كتاب الله ﷻ باللغة العربية حقيقة ومجازًا إن لم تثبت في ذلك حقيقة شرعية فإن ثبتت فهي مقدمة على غيرها، وكذلك إذا ثبت تفسير ذلك من الرسول ﵌ فهو أقدم من كل شيء بل حجة متبعة لا يسوغ مخالفتها لشيء آخر، ثم تفاسير علماء الصحابة المختصين برسول الله ﷺ فإنه يبعد كل البعد أن يفسر أحدهم كتاب الله تعالى ولم يسمع في ذلك شيئًا عن رسول الله ﷺ، وعلى فرض عدم السماع فهو أحد العرب الذين عرفوا من اللغة دِقَّها وجلَّها، وأما تفاسير غيرهم من التابعين ومن بعدهم فإن كان من طريق الرواية نظرنا في صحتها سواء كان المروي عنه الشارع أو أهل اللغة، وإن كان بمحض الرأي فليس ذلك بشيء ولا يحل التمسك به ولا جعله حجة، بل الحجة ما قدمناه، ولا نظن بعالم من علماء الإسلام أن يفسر القرآن برأيه فإن ذلك مع كونه من الإقدام على ما لا يحل بما لا يحل قد ورد النهي عنه في حديث " من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ومن فسر القرآن برأيه فأخطأ فقد كفر " (١) أو كما قال.
إلا أنا لم نتعبد بمجرد هذا الإحسان للظن على أن نقبل تفسير كل عالم كيفما كان بل إذا لم نجده مستندًا إلى الشارع ولا إلى أهل اللغة لم يحل لنا العمل به مع التمسك بحمل صاحبه على السلامة، ونظير ذلك اختلاف العلماء في المسائل العلمية، فهو إن كان إحسان الظن مسوغًا للعمل بما ورد عن كل واحد منهم لوجب علينا قبول الأقوال المتناقضة في تفسير آية واحدة أو في مسألة علمية واللازم باطل فالملزوم مثله.
وإذا عرفت هذه الفوائد فاعلم أن كتب التفاسير كثيرة ذكر منها ملا
_________
(١) الترمذي كتاب التفسير الباب الأول بلفظ: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
1 / 18