وكانتْ تِلْكَ قدمته الأولى إلى القاهرة، وَلَمْ يطل المكث فِيْهَا، وعاد أدراجه إلى بلده ملازمًا هناك الجدَّ والاشتغال (١).
وبعد مدة من الزمن - نجهل تحديدها - عاود المجيء إلى القاهرة (٢)، يروم استخراج العِلْم من معادنه، فَدَرَسَ في الفقه: " شرح البهجة "
وغيرها (٣)، وقرأ في أصول الفقه: " العضد " و" شرح العبري " (٤)، وقرأ في النحو والصرف، ومما قرأه فِيْهِمَا: " شرح تصريف العزي " (٥)، وأخذ المعاني والبيان والبديع فقرأ فِيْهَا " المطول " (٦)، وأخذ المنطق عَنْ عدة مشايخ وقرأ فِيهِ شرح القطب عَلَى "الشمسية" وأكثر حاشية الشريف الجرجاني عَلَيْهِ، وكذا حاشية التقي الحصني عَلَيْهِ (٧).
كَمَا أخذ اللغة، والتفسير، وعلم الهيأة، والهندسة، والميقات، والفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة، والطب، والعروض، وعلم الحروف، والتصوف، وتلا بالسبع والثلاثة الزائدة عَلَيْهَا، وقرأ مصنفات ابن الجزري كـ" النشر " و"التقريب"
و" الطيبة "، وأخذ رسوم الخطِّ، وآداب البحث، والحديث (٨).
وهكذا دأب وانهمك في الطلب والتحصيل، فأجازه مشايخه، وكتب لَهُ بِذَلِكَ كَثِيْر مِنْهُمْ مَعَ الإطناب في المدح والثناء، يزيدون عَلَى مئة وخمسين (٩)، ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني إذْ كتب لَهُ في بَعْض إجازاته: «وأذنت لَهُ أن يقرأ القُرْآن عَلَى الوجه الذي تلقَّاه، ويقدر الفقه عَلَى النمط الذي نص عَلَيْهِ الإمام وارتضاه، والله المسؤول أن يجعلني وإياه، ممن يرجوه ويخشاه إلى أن نلقاه» (١٠).
_________
(١) شذرات الذهب ٨/ ١٣٤.
(٢) المصدر نَفْسه.
(٣) النور السافر: ١١٢.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر نَفْسه.
(٦) النور السافر: ١١٢.
(٧) المصدر السابق.
(٨) شذرات الذهب ٨/ ١٣٥، والبدر الطالع ١/ ٢٥٢.
(٩) الكواكب السائرة ١/ ١٩٨.
(١٠) الضوء اللامع ٣/ ٢٣٦.
1 / 40