Endülüs'ün Fethi

Curci Zeydan d. 1331 AH
84

Endülüs'ün Fethi

فتح الأندلس

Türler

حديث ذو شجون

فقال الرسول وقد وجه خطابه إلى الرئيس: «لا يخفى على حضرة الرئيس أني مقيم منذ أعوام في سبتة على شاطئ أفريقيا (في مراكش) وهي وما يليها تابعة لهذا الطاغية صاحب طليطلة الآن مع أنه يجب أن تكون تابعة لمملكة الروم الشرقية؛ لأنها جزء من أفريقيا، ولكن الروم تقلص ظل سلطانهم عن أفريقيا بما قام به العرب من الفتوح، ففتحوا كل سواحل أفريقيا تقريبا إلا سبتة وما يليها فإنهم لم يفتحوها، فالتجأ صاحبها إلى إسبانيا وصارت سبتة ولاية من ولاياتها كما تعلمون.»

فقطع الرئيس كلامه قائلا: «يظهر أن أبناء إسماعيل قد أفلحوا في دينهم الجديد.»

فأجاب الرجل: «نعم يا مولاي.» ولم يفهم ألفونس معنى هذا السؤال ولا من هم بنو إسماعيل، ولكنه لم يستحسن أن يقطع الحديث ليستفهم فسكت. وأما الرجل فإنه أتم كلامه قائلا: «إن أبناء عمنا هؤلاء قد قلبوا العالم بأسره ومدوا سلطانهم على العراق والشام وأفريقيا وفارس وخراسان إلى أقصى المعمورة.» فازداد ألفونس استغرابا لقوله: «أبناء عمنا» فالتفت نحو يعقوب في دهشة، فأدرك يعقوب ما يريد قبل أن يتكلم، فقال له: «إن العرب الذين قاموا بالدين الجديد هم أبناء إسماعيل بن إبراهيم واليهود أبناء أخيه إسحق فهم بهذا الاعتبار أبناء عمنا.»

فأصاخ ألفونس السمع لحديث المتكلم لإتمام الخبر فإذا هو يقول للرئيس: «وقد تنقلت في أسفاري للتجارة وخدمة الجمعية إلى الشام ومصر واختلطت بالناس، ورأيت كثيرين من إخواننا اليهود الذين استطاعوا التخلص من هذا الذل بالهجرة من هذه البلاد، وهم الآن في أفريقيا ومصر والشام ويقيمون في سلام وسكينة لا يتعرض لهم أحد في دينهم. يصلون كيف شاءوا ومتى شاءوا، ويقومون بأعمالهم وتجاراتهم في أمان وسهولة، وليس ذلك شأن اليهود الغرباء فقط، بل هو شأن كل السكان من كل الطوائف؛ لأن اليهود كانوا مضطهدين أيضا في تلك البلاد تحت نير الحكم الروماني يذوقون العذاب ألوانا، كما كنا نذوقه منذ بضعة قرون قبل أن يجبرونا على النصرانية أو الهجرة أو القتل، واضطررنا إلى الفرار أو التظاهر بالنصرانية كما تعلمون. وأما إخواننا في مملكة الروم فكانوا أحسن حالا منا ومع ذلك فإنهم لم يصبروا على ذلك الضيم، وكثيرا ما كانوا يفتكون بالنصارى ويقاومون الحكومة، فلما جاء أبناء إسماعيل لفتح بلادهم كانوا من أعوانهم على ذلك، وقد أحسنوا صنعا لأنهم تحرروا من رق الروم واستبدادهم، وأمنوا على أرواحهم وأموالهم وخفت عنهم الضرائب وهم في نعيم.»

فقال الرئيس: «وكيف كان ذلك؟ ألم يخرجوا من سلطان إلى سلطان، ومن ضريبة إلى ضريبة؟ ألم يحكم العرب فيهم سيوفهم أو نفوذهم؟ ألم يفرضوا عليم الضرائب؟»

قال: «بلى يا مولاي، إن العرب فتحوا تلك البلاد بالسيف أو بالصلح وصارت تحت سلطانهم، ولكنهم في الحقيقة قلما يمارسون شيئا من أمورها حتى إنهم لا يقيمون في المدن ولا يختلطون بالرعايا إلا نادرا وفي أوقات معينة ولأغراض وقتية .»

فقطع ألفونس كلامه قائلا: «وكيف يكون ذلك؟ وأين يقيمون؟ وكيف يحكمون البلاد وهم لا يقيمون فيها؟»

قال: «لا ألومك على استغرابك ذلك لأنه غير مألوف فيما تعرفونه في هذه البلاد حيث يدس الحكام أنوفهم في كل حركة من حركات الناس، بل هم يعدون الرعايا عبيدهم. وأما هؤلاء العرب فإنهم بعد أن فتحوا تلك البلاد وفرضوا عليها الجزية والخراج نزلوا في ضواحيها، وابتنوا لأنفسهم مدنا لا يقيم فيها سواهم، كالقيروان في أفريقيا، والفسطاط في مصر، والبصرة والكوفة في العراق، وتركوا أهل البلاد الأصليين على ما كانوا عليه في أيام الروم أو الفرس، كل منهم على دينه واعتقاده يقوم بعمله ولا يهمه إلا ما يستحق عليه من الخراج أو الجزية كل عام، وهي ضرائب زهيدة لا تقاس بما كان الروم يسومون رعاياهم من أمثالنا. وكان الناس عند أول الفتح أهنأ عيشا منهم الآن، وذلك لظلم بعض عمال بني أمية، ومنهم عامل في العراق اسمه الحجاج، شديد الوطأة على أهل البلاد؛ يطالبهم بالخراج الكثير لحاجته إليه في الحروب، ولكن الملك الأكبر الذي يسمونه الخليفة يقيم في دمشق الشام، وكثيرا ما يبعث إلى عماله أن يعودوا إلى الرفق، ومع كل ذلك فإن الرعايا من اليهود أو النصارى أحسن حالا تحت سلطان العرب مما تحت سواه، وخاصة إذا عاد العرب إلى ما كان عليه خلفاؤهم الأولون من العدل والرفق والمساواة. ولولاها لم يسهل عليهم الفتح حتى امتد سلطانهم على معظم العالم المعمور في الشرق.»

فقال الرئيس: «يا حبذا لو أنهم يأتون إلينا فيستولون على هذه البلاد؛ لأنهم إذا كانوا أخف وطأة من بطارقة الروم فهم إذن أفضل لنا من حكومة القوط ...»

Bilinmeyen sayfa