والإلحاد فيها نوعان: تعطيلي بمعنى أنه يعطل حقائق معانيها ويؤولها، كالجهمية ومن تبعهم، وفروخ الأشاعرة في بعضها، ش # والمعتزلة في بعضها، كتأويل الاستواء بالاستيلاء، واليد بالقدرة، وأشباه ذلك؟ وإنكاري بمعنى ينكر أوصافه كلها، كابن سبنا، وأرسطو، ومن تبعهم. أو بعضها كالجهمية: في الكلام، والخلة، والمعتزلة: في الرؤية.
هذا وقد قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " 1. فالهدي القويم والعقل السليم يدلان على أن الله هو أعلم بنفسه من غير، وما سواه لم يدركوا كنه ذاته؛ لأن ما سواه مخلوق مصنوع، والمصنوع ما يعرف الصانع، كما قيل:
تقاصرت الأفهام عن كنه ذاته ... فلا كيف يدري ما العقول ولا ما هو
وهل يعرف المصنوع صانع نفسه بلى يعلم الباري بما هو سواه إذ العقل لم يدر الذي قد تخلفا فكيف برب خالق الكون أنشاه، فهو جل وعلا وصف نفسه بهذه الأوصاف، فاللازم على كل مسلم أن يؤمن بها، من دون تكييف، ولا تمثيل ولا تشبيه، ولا تعطيل، ويكون كما قال مالك اقرأ في الإثبات: {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} . [الإخلاص: 1-4] . واقرأ في النفي: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} . [الشورى: 11] . وقال في جواب السائل حين سأله عن الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك يا هذا إلا مبتدعا.
Sayfa 38