Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
Türler
وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه، وقال: كل ما أشرتم به عليَّ قد سمعتُ، ولكل أمر بابٌ يُؤتَى منه، إن هذا الأمر الذي يُخاف على هذه الأمة كائنٌ، وإن بابه الذي يغلق عليه فيُكَفْكَفُ به: اللين والمؤاتاة والمتابعة، إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحدٌ أن يبادي بعيب أحدها، فإن سده شيءٌ فرفق، فذاك والله ليفتحن، وليست لأحدٍ عليَّ حجة حق، وقد علم الله أني لم آل الناس خيرًا، ولا نفسي، ووالله إنَّ رحا الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها، كفكفوا الناس، وهَبُوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تُعُوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها» (^١).
وتذكر الرواية نفسها أن: «معاوية قال لعثمان غداة ودَّعه وخرج: يا أمير المؤمنين! انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قِبَلَ لك به، فإن أهل الشام على الأمر لم يزالوا، فقال: أنا لا أبيع جوار رسول الله ﷺ بشيء، وإن كان فيه قطع خيط عنقي، قال: فأبعث إليك جندًا منهم يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابتْ المدينة أو إياك، قال: أنا أُقتِّر على جيران رسول الله ﷺ الأرزاق بجند تساكنهم، وأضيق على أهل دار الهجرة والنصرة؟! قال: والله يا أمير المؤمنين، لتغتالنَّ أو لتغزينَّ، قال: حسبي الله ونعم الوكيل» (^٢).
ولقد حدث كلُّ ما توقعه معاوية، فجاءت جموع أهل الفتنة لتحاصرَ عثمان ﵁ وتغتاله في النهاية. وحين جاء هؤلاء الثوَّار من مختلف الأقاليم لا نجد من بينهم جماعة من أهل الشام (^٣).
_________
(^١) في إسناده مقال: أخرجه الطبري في تاريخه (٤/ ٣٤٢ - ٣٤٣) وفي سنده سيف بن عمر التميمي، تقدَّم الحديث عن إمامته في المغازي، وضعفه في الحديث.
(^٢) المصدر السابق.
(^٣) عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة للعودة (ص: ١٥٢).
1 / 71