Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
Türler
ثانيًا: أهمية هذه القضية في جانب التشريع والأحكام، والعقيدة في الصحابة، ومع ذلك لا نجد لها نَقْلًا بسندٍ صحيحٍ، ولا يُستساغ أن يُطْبِقَ العلماء على إهمالها مع شدَّة الحاجة إليها.
ثالثًا: مع ضعف ونكارة هذه الروايات، فقد ورد ما هو أصحُّ منها، مناقضًا لها:
فعن حُضَين بن المنذر (^١): «أن معاوية أرسل إليه فقال: إنه بلغني عن هذا -أي: عن عمرو- كذا وكذا، فاذهب فانظر ما هذا الذي بلغني عنه، فأتيته فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وُليت أنت وأبو موسى، كيف صنعتما فيه؟ قال: قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلتُ لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راضٍ. قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يُستعنْ بكما ففيكما معونة، وإن يُستغنْ عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما» (^٢).
فهذه الرواية لم تذكر خدعةً ولا مكرًا، ولا توليةً ولا عزلًا، وقول أبي موسى هذا القول: «أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راضٍ»، وهو يعلم أنه لم يبق من العشرة المبشَّرين بالجنة إلا سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعلي بن أبي طالب، وقد اعتزل الأوَّلان الفتنة، ولم يرغبا في ولاية ولا إمارة، فلم يبق إذًا إلا علي ﵁.
_________
(^١) كان من أمراء علي ﵁ يوم صفِّين، كما في التقريب (١٣٩٧).
(^٢) في إسناده مقال: أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٣٩٨) مختصرًا جدًا، والدارقطني -كما في العواصم من القواصم (ص: ١٧٨)، ولم أجده في شيء من كتبه التي بين أيدينا- وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٦/ ١٧٥ - ١٧٦)، وفي سنده عبيد الله بن مضارب، مقبول، كما في التقريب (٤٣٤٠).
1 / 108