Hadis Fıkıhları
الفتاوى الحديثية
Yayıncı
دار الفكر
فِي القزع) بِفَتْح الْقَاف وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة وَهُوَ الْبيَاض المتحلل بَين الزَّرْع وَقَالَ: (إِنَّه مسَاكِن الْجِنّ) وَالْحق أَن الْجِنّ مكلفون، فقد حكى الْفَخر الرَّازِيّ وَغَيره الْإِجْمَاع عَلَيْهِ. قَالَ الْعِزّ بن جمَاعَة: وَالْمَلَائِكَة مكلفون من أوّل الْفطْرَة. وَجُمْهُور الْخلف وَالسَّلَف أَنه لم يكن مِنْهُم رَسُول وَلَا نبيّ خلافًا للضحاك وَمعنى ﴿رُسُلٌ مِّنْكُمْ﴾ [الْأَنْعَام: ١٣٠] أَي من مجموعكم وهم الْإِنْس أَو المُرَاد بهم رسل الرُّسُل، وَمِمَّا يدل لما قَالَه الضَّحَّاك مَا صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس ﵄ أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأٌّرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأٌّمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمَا﴾ [الطَّلَاق: ١٢] قَالَ: سبع أَرضين فِي كل أَرض نَبِي كنبيكم وآدَم كآدمكم ونوح كنوح وَإِبْرَاهِيم كإبراهيم وَعِيسَى كعيسى، وَذَلِكَ لِأَن التَّشْبِيه فِي مُطلق النذارة بِمَعْنى أَن قوما من الْجِنّ مِنْهُم فِي الأَرْض فَسَمِعُوا كَلَام رَسُول الله ﷺ للإنسيين، وعادوا إِلَى قوم من الْجِنّ فأنذرهم: لِلْحَجِّ فَرَأَوْا حَيَّة تتثنى عَن الطَّرِيق أَبيض ينفح مِنْهُ ريح الْمسك، فَتخلف بَعضهم عِنْدهَا إِلَى أَن مَاتَت فكفنها ودفنها ثمَّ أدْرك أَصْحَابه، فَجَاءَهُمْ أَرْبَعَة نسْوَة من جِهَة الْمغرب فَقَالَت وَاحِدَة أَيّكُم دفن عمر؟ وَمن عمر؟ قَالَت: أَيّكُم دفن الْحَيَّة؟ قلت: أَنا، قَالَت: أما وَالله لقد دفنت صوّامًا قوّامًا يَأْمر بِمَا أنزل الله، وَلَقَد آمن بنبيكم وَسمع صفته فِي السَّمَاء قبل أَن يبْعَث بأربعمائة سنة، فحمدنا الله ثمَّ قضينا حجنا، ثمَّ مَرَرْت بعمر بن الْخطاب ﵁ بِالْمَدِينَةِ فأنبأته بِأَمْر الْحَيَّة فَقَالَ: صدقت. سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: (لقد آمن قبل أَن أبْعث بأربعمائة سنة) . وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا أَن حَاطِب بن أبي بلتعة ﵁ رأى حَيَّة فَأخْبر النَّبِي ﷺ فَقَالَ: (ذَلِك عمر بن الهوماية وَافد نَصِيبين لقِيه مُحصن بن جوشن النَّصْرَانِي فَقتله) الحَدِيث. وَجَاء من عدَّة طرق يبلغ بهَا دَرَجَة الْحسن (أَن هَامة بن هيم بن لاقيس بن إِبْلِيس جَاءَ للنَّبِي ﷺ وَمَعَهُ أَصْحَابه وهم قعُود على جبل من جبال تهَامَة فَأخْبر أَنه ليَالِي قتل قابيل هابيل كَانَ غُلَاما وَأَنه كَانَ مِمَّن آمن بِنوح وَأَنه عاتبه على دَعوته على قومه حَتَّى بَكَى وأبكاه وَأَن لَهُ شركَة فِي هابيل فَهَل لَهُ تَوْبَة فَأمره بأَشْيَاء يَفْعَلهَا من حملتها أَنه يتَوَضَّأ وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ فَفعل لوقته، فَأخْبرهُ أَن تَوْبَته نزلت من السَّمَاء فَخر لله سَاجِدا حولا، وَأَنه آمن بهود وعاتبه كَمَا وَقع لَهُ مَعَ نوح، وَأَنه زار يَعْقُوب وَكَانَ من يُوسُف بِالْمَكَانِ الْأمين، وَأَنه كَانَ يلقى النَّاس بالأدوية وتتلقاه الْآن، وَأَنه لقى مُوسَى فَعلمه من التَّوْرَاة وَأمره أَن يقْرَأ مِنْهُ السَّلَام على عِيسَى ابْن مَرْيَم إِن لقِيه، وَأَنه لقى عِيسَى فَأَقْرَأهُ ذَلِك، وَأَن عِيسَى أمره أَن يقرىء السَّلَام على مُحَمَّد ﷺ إِن لقِيه فَبكى ﷺ ثمَّ قَالَ: وعَلى عِيسَى السَّلَام مَا دَامَت الدُّنْيَا وَعَلَيْك السَّلَام يَا هَامة بأَدَاء الْأَمَانَة، ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُعلمهُ من الْقُرْآن كَمَا علمه مُوسَى من التَّوْرَاة، فَعلمه الْوَاقِعَة والمرسلات وعَمَّ والكوثر وَقل هُوَ الله أحد والمعوذتين وَقَالَ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتك يَا هَامة وَلَا تدع زيارتك) . وَفِي حَدِيث آخر (أَنه فِي الْجنَّة) وَبَين السُّبْكِيّ فِي (فَتَاوِيهِ) أَنهم مكلفون بِشَرِيعَتِهِ ﷺ فِي كل شَيْء بِخِلَاف الْمَلَائِكَة على القَوْل بإرساله إِلَيْهِم، فَإِنَّهُ يحْتَمل أَنهم كَذَلِك وَأَنَّهَا فِي شَيْء خَاص. وَقَالَ ابْن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ: إِنَّهُم مكلفون فِي الْجُمْلَة كافرهم فِي النَّار ومؤمنهم فِي الْجنَّة كغيرهم بِقدر ثوابهم خلافًا لمن قَالَ: لَا يَأْكُلُون وَلَا يشربون فِيهَا أَو أَنهم فِي رَبَضِها، وَنقل عَن شَيْخه ابْن تَيْمِية أَنهم مشاركون لنا فِي جنس الْأَمر وَالنَّهْي والتحليل وَالتَّحْرِيم لَا على السوَاء، قَالَ: بِلَا نزاع أعلمهُ بَين الْعلمَاء، وَأطَال الْكَلَام فِي مناكحتهم ومعاملتهم وتوابعهما وَمر أَن فيهم جَمِيع الْأَهْوَاء: وَجَاء عَن قَتَادَة وَغَيره وَعَن السّديّ: أَن فيهم قدرية ومرجئة رافضة وشيعة. وَأخرج الْبَزَّار أَنه ﷺ قَالَ: (مَنْ صلَّى مِنْكُم من اللَّيْل فليَجْهَر بقرَاءَته فإنَّ الملائكةَ تُصليِّ وتَسْمَعُ لقرَاءَته وَأَن مؤمني الْجِنّ الَّذين يكونُونَ فِي الْهَوَاء، وجيرانه مَعَه فِي مَسْكَنه يصلونَ بِصَلَاتِهِ ويسمعون لقرَاءَته، وَأَنه ليطْرُد بِجَهْرِه بقراءتِه عَن دَاره وَعَن الدّور الَّتِي حوله فُساق الْجِنّ ومردة الشَياطين) . وَفِي آثَار وأخبار أُخْرَى: أَن مؤمنيهم يصلونَ وَيَصُومُونَ ويحجون ويطوفون ويقرؤون الْقُرْآن ويتعلمون الْعُلُوم ويأخذونها عَن الْإِنْس وَإِن لم يشعروا بهم، وَكَذَا رِوَايَة الْأَحَادِيث. وَأخرج الشِّيرَازِيّ: أَن سُلَيْمَان أوثق شياطين فِي البحور فَإِذا كَانَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة خَرجُوا فِي صور النَّاس وأبشارهم فجالسوهم فِي الْمجَالِس والمساجد ونازعوهم الْقُرْآن والْحَدِيث. وَأخرجه الْعقيلِيّ وَابْن عدي بِزِيَادَة: أَن تِسْعَة أعشارهم تذْهب إِلَى الْعرَاق وعشرهم بِالشَّام. وَأخرج البُخَارِيّ عَن سُفْيَان
1 / 51