Hadis Fıkıhları
الفتاوى الحديثية
Yayıncı
دار الفكر
﵃ أَنه يكره إِفْرَاد الصَّلَاة على النَّبِي ﷺ عَن السَّلَام وَعَكسه، قَالَ بَعضهم: لَكِن لَيْسَ المُرَاد بِالْجمعِ بَينهمَا أَن يَكُونَا مقرونين، بل أنْ لَا يَخْلُو الْكَلَام أَو الْمجْلس عَنْهُمَا، كَمَا فِي التَّشَهُّد فَهَل هُوَ كَذَلِك؟ فَإِن قُلْتُمْ نعم، فَهَل ذَلِك فِي غير الْمَخْصُوص أما هُوَ كَقَوْلِه ﷺ: (مَنْ قَالَ يَوْم الْجُمُعَة ثَمَانِينَ مرّة اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّد عَبدك وَنَبِيك وَرَسُولك النَّبِي الْأُمِّي غفر الله لَهُ ذنُوب ثَمَانِينَ سنة) الخ فَلَا كَرَاهَة فِيهِ للنَّص عَلَيْهِ فَهَل هُوَ كَذَلِك أم لَا؟ . فَأجَاب بقوله رَحمَه الله تَعَالَى: إِنِّي لما نقلتُ تِلْكَ الْمقَالة فِي (شرح الْعباب) تعقَّبتُها وَعبارَته، وقيَّد بعض فُقَهَاء الْيمن كَرَاهَة الْإِفْرَاد بِمَا إِذا لم يجمعهما مجْلِس أَو كتاب. قَالَ: وَإِلَّا فَلَا إِفْرَاد انْتهى، وَهُوَ غير بعيد وَإِن كَانَ ظَاهر كَلَام غَيره قد يُنَازع فِيهِ انْتَهَت، ووِجْهة تِلْكَ الْمُنَازعَة أَن النَّوَوِيّ ﵀ لما نقل عَن الْعلمَاء كَرَاهَة الْإِفْرَاد اعْتَرَضُوهُ بِأَن ذَلِك وَقع فِي أَمَاكِن كَثِيرَة من (الْأُم) وَغَيرهَا، وَأجِيب عَنهُ بأنَّ من أفردها من الْعلمَاء إِمَّا جمع بِلِسَانِهِ أَو ترك السَّلَام ذهولًا، ووجَّه رد كَلَام ذَلِك الْفَقِيه بِالنِّسْبَةِ لقَوْله، أَو كتاب، أَو تِلْكَ الْكتب فِيهَا الصَّلَاة مَعَ السَّلَام، وَمَعَ ذَلِك جعلُوا خلوها فِي بعض الْمَوَاضِع عَنْهُمَا واردًا، فَلَو اكْتفى فِي الْجَمِيع بِوُجُودِهِ أَحدهمَا فِي أول الْكتاب وَوُجُود الآخر فِي آخِره مثلا، لما ورد ذَلِك، فَعلمنَا أنَّ كَلَام المستشكِّين والمجيبين رادُّ لقَوْل ذَلِك الْفَقِيه أوْ كتاب، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يتمشى مَا بحثَه ذَلِك الْفَقِيه، بِنَاء على أنَّ الْإِفْرَاد يكره خطا حَتَّى يرد الْجمع فِي أول الْكتاب، وَهُوَ مَا جرى عَلَيْهِ الزين الْعِرَاقِيّ وَجزم بِهِ غَيره تبعا لَهُ، لكني نظرتُ فِيهِ فِي الشَّرْح الْمَذْكُور واستدللتُ لهَذَا النّظر بِالْجَوَابِ السَّابِق الَّذِي قَالَه بعض الْمُحَقِّقين: إنّ منْ أفردَ جمع بَينهمَا بِلِسَانِهِ، إذْ هَذَا صَرِيح فِي أَنه لَا يكره الْإِفْرَاد خطا، وَإِلَّا لم يتأت ذَلِك الْجَواب، وعَلى أَنه لَا كَرَاهَة خطا فَلَا يَصح ذَلِك التَّقْيِيد بِمَا لم يجمعهما كتاب، وَأما التَّقْيِيد بِمَا لم يجمعهما مجْلِس فَهُوَ مُتَّجه، لكنْ يتَعَيَّن تَقْيِيد ذَلِك بِمَا إِذا لم يطلّ الْفَصْل عرفا، بِحَيْثُ يَنْقَطِع نِسْبَة أَحدهمَا عَن الآخر وَإِلَّا لم يُفِد اتِّحَاد الْمجْلس حينئذٍ، وَقَول الْأَئِمَّة: إِنَّمَا أفْردَت الصَّلَاة فِي التَّشَهُّد اكْتِفَاء بِالسَّلَامِ الَّذِي فِيهِ ظَاهر فِي اعْتِبَار الْقرب الَّذِي ذكرته، وَيُؤْخَذ من قَوْلهم هَذَا أَن كَرَاهَة الْإِفْرَاد حَاصِلَة فِيمَا ورد فِيهِ الْإِفْرَاد أَيْضا كَالصَّلَاةِ الَّتِي فِي السُّؤَال لِأَن النَّبِي ﷺ علمهمْ كَيْفيَّة الصَّلَاة مُفْردَة عَن السَّلَام، وَمَعَ ذَلِك احْتَاجَ الْأَئِمَّة للجواب عَن ذَلِك بِأَن السَّلَام سبق فِي التَّشَهُّد، فَلَو كَانَ مُجَرّد وُرُود الْإِفْرَاد مَانِعا لكراهته لم يحتاجوا للجواب الْمَذْكُور، فَلَمَّا احتاجوا إِلَيْهِ علمنَا أَن ذَلِك الْوُرُود غير كَاف. فَإِن قلت: ذكرُوا فِيمَا إِذا حلف ليصلين أفْضَل الصَّلَاة أَنه يَبِرُّ بِصَلَاة التَّشَهُّد كَذَا، على الْخلاف فِيهَا وَلم يذكرُوا فِي وَاحِدَة لفظ السَّلَام؟ قلت: هَذَا لَا يُنَافِي مَا نَحن فِيهِ، لِأَن الْمَكْرُوه هُوَ الْإِفْرَاد لَا نفس الصَّلَاة، وإنْ أفردت، وَنَظِيره مَا حَرَّره بعض الْمُحَقِّقين فِي كَرَاهَة الإيتار بِرَكْعَة، أَن المُرَاد كَرَاهَة الِاقْتِصَار عَلَيْهِ لَا نفس الصَّلَاة، بل هِيَ مَعَ ذَلِك من الْوتر الَّذِي هُوَ أفضل الرَّوَاتِب. فَإِن قلت: قَالَ الْحَافِظ السخاوي فِي كِتَابه (البديع) اسْتدلَّ بِحَدِيث كَعْب بن عجْرَة وَغَيره على أَن إِفْرَاد الصَّلَاة عَن السَّلَام لَا يكره، وَكَذَا الْعَكْس لِأَن تَعْلِيم التَّسْلِيم تقدم على تَعْلِيم الصَّلَاة فأفردوا التَّسْلِيم مُدَّة فِي التَّشَهُّد قبل الصَّلَاة عَلَيْهِ، وَقد صرح النَّوَوِيّ ﵀ فِي (الْأَذْكَار) وغيرُه بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتدلَّ بورود الْأَمر بهما مَعًا فِي الْآيَة. قَالَ: وَالظَّاهِر أَن مَحل ذَلِك فِيمَا لم يرد الِاقْتِصَار على الصَّلَاة فِيهِ، على أَن شَيخنَا: أَي الْحَافِظ ابْن حجر توقف فِي إِطْلَاق الْكَرَاهَة انْتهى. قلت: أما التَّوَقُّف فِي ذَلِك فَغير مسموع مَعَ كَون النَّوَوِيّ نقل الْكَرَاهَة عَن الْعلمَاء، وَأما التَّقْيِيد الَّذِي ذكره السخاوي بقوله: وَالظَّاهِر الخ. فغفلة كَمَا علم مِمَّا مر، من كَون الْأَئِمَّة أجابوا عَن الْإِفْرَاد فِي حَدِيث كَعْب بن عُجْرة وَغَيره بِأَن السَّلَام تقدم فِي التَّشَهُّد إذْ هَذَا تَصْرِيح مِنْهُم بِعُمُوم الْكَرَاهَة لما ورد فِيهِ الْإِفْرَاد أَيْضا وَأما الِاسْتِدْلَال بِأَن تَعْلِيم التَّسْلِيم تقدم قبل تَعْلِيم الصَّلَاة فأفردوا التَّسْلِيم مُدَّة فِي التَّشَهُّد، يُجَاب عَنهُ بِأَن الَّذِي قَالَه الْعلمَاء من كَرَاهَة الْإِفْرَاد إِنَّمَا هُوَ بعد اسْتِقْرَار الحكم، وَأما تَعْلِيم السَّلَام قبل الصَّلَاة فَلَا يدل على عدم كَرَاهَة الْإِفْرَاد، لِأَن تَأَخّر تَعْلِيم الصَّلَاة عَن السَّلَام كَانَ قبل مشروعيتها فِي الصَّلَاة، لتوقف الْخطاب بهَا فِيهَا على علم الْكَيْفِيَّة، فَقبل عِلْمِهم بكيفيتها لم يخاطبوا بهَا فِيهَا، فالإفراد لذَلِك فَحسب، وَحَيْثُ كَانَ الْإِفْرَاد فِي التَّشَهُّد قبل مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة فِيهِ انْتَفَى الِاسْتِدْلَال بذلك الْإِفْرَاد على عدم الْكَرَاهَة على
1 / 114