100

Hadis Fıkıhları

الفتاوى الحديثية

Yayıncı

دار الفكر

وخَيْرِ مَا فِيهَا وَخير مَا أُمرت بِهِ، ونعوذ بك من شرِّ هَذِه الرّيح وشرِّ مَا فِيهَا وشرِّ مَا أمرت بِهِ) . وروى مُسلم (أَنه ﷺ دخل على أم السَّائِب أَو أم الْمسيب فَقَالَ: مَالك تزفزفين؟ قَالَت: الحمَّى لَا بَارك الله فِيهَا، فَقَالَ: لَا تسبي الحمَّى فَإِنَّهَا تذهبْ بخطايا بني آدم كَمَا يُذْهب الْكِير خبثَ الْحَدِيد) وتزفزف بالفوقية المضمومة وبالفاء وَالزَّاي المكررة وَهُوَ الْأَشْهر أَو الرَّاء المكررة، وَقيل بِالْقَافِ وَالرَّاء تتحرك شَدِيدا وترتعد، وَصَحَّ أَنه ﷺ قَالَ: (لَا تَسُبوا الديك فَإِنَّهُ يوقظ للصَّلَاة) . وَأما الْحَادِيَة عشرَة: فَهِيَ كَذَلِك فِي (الْأَذْكَار) وعللها بِأَن ذَلِك من دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة. وَأما الثَّانِيَة عشرَة: فَمَا ذكر فِيهَا من كَرَاهَة نَحْو يَا حمَار، عَجِيب، وَلَيْسَت الْكَرَاهَة مُصَرحًا بهَا فِي (الْأَذْكَار) بل لَو فرض أَنه صرح بهَا فِيهِ، يتَعَيَّن على كل من لَهُ أدنى إِلْمَام بقواعد أَئِمَّتنَا أَن يحملهَا على كَرَاهَة التَّحْرِيم فَكيف وَعبارَته ظَاهِرَة بل صَرِيحَة فِي التَّحْرِيم، فيعدل عَن ظَاهرهَا أَو صريحها الْمَذْكُور إِلَى التَّعْبِير بِالْكَرَاهَةِ فَخَالف فِي ذَلِك كَلَام أَصله بل وَكَلَام الْأَئِمَّة، وَمثل هَذَا لَا يصدر من مثل هَذَا الرجل فَالْوَجْه حمل ذَلِك على السَّهْو أَو أَنه من غلط النساخ وَهُوَ الْأَقْرَب، وَعبارَة أذكار النَّوَوِيّ: وَمن الْأَلْفَاظ المذمومة المستعملة فِي الْعَادة قَوْله لمن يخاصمه يَا حمَار يَا تَيْس يَا كلب وَنَحْو ذَلِك، فَهَذَا قَبِيح لوَجْهَيْنِ، أَحدهمَا: أَنه كذب وَالْآخر أَنه إِيذَاء وَهَذَا بِخِلَاف قَوْله يَا ظَالِم وَنَحْوه، فَإِن ذَلِك يتَسَامَح بِهِ لضَرُورَة الْمُخَاصمَة مَعَ أَنه يصدق غَالِبا، فَمَا مِنْ إِنْسَان إِلَّا وَهُوَ ظَالِم لنَفسِهِ ولغيرها انْتَهَت، فَتَأمل حُكْمَة على تِلْكَ الْأَلْفَاظ بالقُبْح وتعليل ذَلِك بِأَنَّهَا كذب وإيذاء، وكلٌ مِنْ هذَيْن محرَّم إِجْمَاعًا، فَلَزِمَ أَن تِلْكَ الْأَلْفَاظ مُحرمَة إذْ لَا يتَصَوَّر أَن يُعلل الْمَكْرُوه بِمحرم، وَقد صرح الْجلَال نَفسه بِحرْمَة احتقار الْمُسلم وَحُرْمَة سبه، وَهَذَا مِنْهُمَا فَكيف يتعقل مَعَ ذَلِك كَرَاهَته، وَقد ذكر فِيهِ قبل ذَلِك من غير فاصل قَوْله: يحرم سبّ الْمُسلم من غير سَبَب شَرْعِي يجوّز ذَلِك، وَاسْتدلَّ لَهُ بِخَبَر (الصَّحِيحَيْنِ) . (سِبابُ الْمُؤمن فُسوق) انْتهى. وَلَا شكّ أَن نَحْو يَا كلب من أقبح السب عُرْفًا بل وَشرعا. وَأما الثَّالِثَة عشرَة: فَمَا قَالَه فِيهَا من الْكَرَاهَة عَجِيب أَيْضا، وَالَّذِي فِي (الْأَذْكَار) أَي فِي خبر لأبي دَاوُد عَن عمرَان بن حُصَيْن ﵁ قَالَ: (كنَّا نقُول فِي الْجَاهِلِيَّة أنْعَم اللَّهُ بك علينا وأنْعِمْ صباحًا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام نهينَا عَن ذَلِك) وَلَا حجَّة فِيهِ لِأَن فِي سَنَده مَجْهُولا يحْتَمل أَن يكون عَنهُ، وَمثل هَذَا قَالَ أهل الْعلم لَا يحكم عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ فَلَا يثبت بِهِ حكم شَرْعِي. قَالَ النَّوَوِيّ: بعد ذكره ذَلِك. وَلَكِن الِاحْتِيَاط للْإنْسَان اجْتِنَاب هَذَا اللَّفْظ لاحْتِمَال صِحَّته، وَلِأَن بعض الْعلمَاء يحْتَج بِالْمَجْهُولِ، وَبِذَلِك كُله يعلم ظُهُور مَا ذكرته من التَّعَجُّب؛ وَأَن الصَّوَاب أَنه لَا كَرَاهَة فِي ذَلِك وَإِنَّمَا الِاحْتِيَاط اجتنابه، أمَّا أنعم الله عَيْنَيْك، وأنعم صباحك فَلَا كَرَاهَة فيهمَا اتِّفَاقًا. فَإِن قلت: صرح معمر رَاوِي الحَدِيث بِكَرَاهَة أنعم الله بك علينا. قلت: معمر مُجْتَهد فَلَا يقْضِي بِمَا قَالَه على قَوَاعِد مَذْهَبنَا الْمُخَالفَة لقَوْله. فَإِن قلت: هَل يُمكن تَوْجِيه الْكَرَاهَة بِتَقْدِير صِحَة النَّهْي الْمَذْكُور؟ قلت: يُمكن بِأَن يُقَال إنعام الْعين الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا يكون بِرُؤْيَة الله تَعَالَى، فوضْعه لغير ذَلِك يُوهم محذورًا فَنهى عَنهُ حذرا من هَذَا الْإِيهَام، وَيُقَال هُوَ من تَحِيَّة الْجَاهِلِيَّة وَهِي مَكْرُوهَة كصباح الْخَيْر، وَبِهَذَا دون الأول يقرب إِلْحَاق أنْعِمْ صباحًا بأنعم الله بك علينا. وَأما الرَّابِعَة عشرَة: فَمَا قَالَه فِيهَا تِبَع فِيهِ بَعْضَ السّلف، وَعبارَة (الْأَذْكَار) حكى النّحاس عَن بعض السّلف أَنه يكره أَن يَقُول الصَّائِم: وَحقّ هَذَا الْخَاتم الَّذِي على فمي. أيْ وحَذَفَ الجلالُ هَذَا من هَذِه الْعبارَة، كَأَنَّهُ لبَيَان أَنه لَيْسَ بِشَرْط فِي الْكَرَاهَة، وَاحْتج لَهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُخْتَم على أَفْوَاه الْكفَّار، وَفِي هَذَا الِاحْتِجَاج نظر، وَإِنَّمَا حجَّته أَنه حلف بِغَيْر الله ﷾، وَسَيَأْتِي النَّهْي عَنهُ، وَهَذَا مَكْرُوه لما ذكره وَلما فِيهِ من إِظْهَار صَوْمه لغير حَاجَة انْتَهَت، ويُؤخذ منْ تَوْجِيهه لَهُ بِأَنَّهُ حلف بِغَيْر الله، أَنه كَانَ الأوْلى بالجلال أنْ يحذف هَذِه للْعلم بهَا من قَوْله وَيكرهُ الْحلف بِغَيْر الله. فَإِن قلت: تَوْجِيهه الثَّانِي يقْتضي أنَّ للكراهة سَببا آخر فَلَا يُغني ذَلِك عَن هَذِه. قلت: هُوَ كَذَلِك إِلَّا أَن قَضِيَّة النّظر إِلَيْهِ وَحده، أَنه لَا يكره ذَلِك لصائم رَمَضَان، لِأَن إِظْهَاره لَا يخْشَى فِيهِ رِيَاء وَلَا غَيره، وَكَلَامهم صَرِيح فِي كَرَاهَة ذَلِك حَتَّى لصائم رَمَضَان فَاقْتضى ذَلِك أَن الْمُعْتَمد فِي (التَّعْلِيل) هُوَ الأول. وَأما الْخَامِسَة عشرَة: فَالْحكم كَمَا ذكر فِيهَا لِأَنَّهُ من أَلْفَاظ الْجَاهِلِيَّة والرِفاء بِكَسْر الرَّاء وَالْمدّ الِاجْتِمَاع، وَإِنَّمَا السّنة أَن يُقَال للزَّوْج بعد عقد النِّكَاح: بَارك الله لَك أَو بَارك عَلَيْك وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير، وَيسْتَحب أَن يُقَال لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ بَارك الله لكل وَاحِد مِنْكُمَا فِي صَاحبه

1 / 101