النوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكره مجاهد في الآية أن الآية نزلت فيه، وهو: أن يعمل أعمالًا صالحة، ونيته رياء الناس، لا طلب ثواب الآخرة.
ولما ١ ذكر لمعاوية حديث أبي هريرة، في الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار، وهم: الذي تعلم العلم ليقال عالم، وتصدق ليقال جواد، وجاهد ليقال شجاع، فبكى ٢ معاوية بكاء شديدًا، ثم قرأ هذه الآية.
النوع الثالث: أن يعمل الأعمال الصالحة ويقصد بها مالًا، مثل: الحج لمال يأخذه، لا لله، أو يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، أو يجاهد لأجل المغنم. فقد ذكر أيضًا هذا النوع في تفسير هذه الآية، كما في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم " ٣ إلى آخر الحديث ٤.
وكما يتعلم الرجل العلم لأجل مدارسة ٥ أهله، أو مكسبهم، أو رياستهم أو يتعلم القرآن، أو يواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد، كما هو واقع كثير - وهؤلاء أعقل من الذين قبلهم لأنهم عملوا لمصلحة يحصلونها، والذين قبلهم عملوا لأجل المدح والجلالة في أعين الناس، ولا يحصل لهم طائل.
والنوع الأول أعقل من هؤلاء كلهم، لأنهم عملوا لله
_________
١ في طبعة أباطين والمصطفوية: (وكما ذكر) .
٢ في المخطوطة: (بكى)، بدون فاء، وكذلك في الطبعة المصطفوية.
٣ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٨٧)، والترمذي: الزهد (٢٣٧٥)، وابن ماجة: الزهد (٤١٣٦) .
٤ في المطبوعة: (تعس عبد الدينار ... إلخ) . ومن هنا حتى ص١٨٧ من المطبوعة: ساقط من المصورة. وقد ذكر في هامش المطبوعة ما يلي: سقط من أصل الطبعة الأولى أربع كراريس، وأثبتناها هنا، وهو من قوله: (إلخ) إلى قوله: "وقال الشيخ، ﵀ ورضي عنه: قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ الآية. (عبارة أبابطين ج١، ص ١٧٨) .
٥ في المخطوطة: (مدرسة)، والصواب ما ذكر.
1 / 6