ثم تزحزحت لتجرب قوتها فسمعت خشخشة ثعبان ينساب بين الأحجار وراءها. فقف شعرها وهمت بالنهوض لتخرج من ذلك المكان - ولم تكن تخاف الثعابين إذا قابلتها في النور لكنها خافت الغدر.
الفصل السادس والثلاثون
رسول غريب
وهي تهم بالنهوض سمعت وقع حوافر مسرعة فأسرع الثعبان في الانسياب حتى توارى وخفق قلبها فالتفتت فرأت أشباحا كالفرسان يزيد عددهم على عشرة يسوقون أفراسهم. فحدثتها نفسها أن تستغيث بهم ولم تكد تهم بذلك حتى سمعت بينهم صوتا يقول: «هل رأيتم أحدا؟ لا شك أنها قتلت.»
فأجابه الآخر: «لا بد من ذلك؛ لأننا رأينا الجواد مقتولا فهل تبقى هي حية؟»
وتوسمت في صوت الأول لحن أبي حامد فغالطت نفسها وأحبت أن تتحقق ظنها فانزوت في مكانها حتى اقترب القوم منها فقال أحدهم: «لقد تمت حيلتنا ولا يلبث ذلك الدعي أن يموت هو وقائده قبل أن يتناولا العشاء انظروا هذا هجان قادم من طريق مصر ... تربصوا له.»
فأصبحت لمياء من شدة تأثرها تنتفض كالعصفور بلله القطر. وخانتها قواها وأدركت أن القوم أبو حامد ورجاله وأنه الذي دبر لها هذه المكيدة بشيء وضعوه للجواد في أنفه عند غسل وجهه. وحدثتها نفسها أن تصيح فيهم فعلمت أنها إذا فعلت قتلوها لا محالة وهي لا تريد أن تموت على أيديهم، فتجلدت، وأخذت تنظر إلى الجهة التي تظن الهجان قادما منها. فرأت هجانا مسرعا سرعة البرق فاعترضه الفرسان وأوقفوه وسأله أحدهم قائلا: «إلى أين يا رجل؟»
قال: «إلى المنصورية.»
قال: «ومن تريد؟»
قال: «أريد أمير المؤمنين المعز لدين الله.»
Bilinmeyen sayfa