179

Kairavan Kızı

فتاة القيروان

Türler

قالت: «صدقت والله إنه نابغة الخلفاء. وهل أنسى أنا ما أكرمني به حتى كان يناديني ابنته. وهل مثل هذا الخليفة يكون نصيبه من حربه غير النصر؟ وهل تصلح الدولة إن لم يكن رجالها قلبا واحدا في طاعة أميرهم؟ أين ذلك من جنود مصر ودولتهم؛ فقد سمعتهم يختصمون على أمور تافهة ورأيتهم يضربون الناس لاستخراج المال منهم، وهذا أمير المؤمنين قد بعث المال معك بشكل الأرحية. لا شك أن الله أذن بانقضاء دولة الإخشيديين ... هل ترى أن أعود إلى الفسطاط. وما هي العلامة التي تجعلها على دار بنت الإخشيد حتى لا يقربها أحد بسوء؟»

فضحك وقال: «كأنك واثقة من دخولنا ظافرين؟»

قالت: «لا شك عندي في ذلك.»

فربت على كتفها بيده وقال: «بارك الله فيك انصبوا بباب القصر علما أخضر وسأوصي الجند أن يتجنبوا ذلك الباب.»

قالت: «أتأذن بانصرافي ...»

قال: «تبيتين الليلة هنا ونرى ما يكون في الغد ولا باعث إلى العجلة في الذهاب.»

فأطاعت. أما أهل الفسطاط فقد رأيت ما كان من اضطرابهم وما سامهم الجند من الخسف والإهانة والسلب حتى أصبحوا يفضلون الفاطميين عليهم، وأما بنت الإخشيد فإنها مكثت بعد ذهاب لمياء وقد تولتها الدهشة؛ لما شاهدته من مروءة هذه الفتاة وبسالتها. ولبثت تنتظر رجوعها، وقضت أكثر أوقاتها في الشرفة المطلة على الجيزة؛ لتراقب حركات الجنديين وقلما كانت ترى شيئا منهما لبعدهما عن مجال البصر لكنها كانت تتلاهى بذلك ووجهت عنايتها خصوصا للحسين وأمرت بإكرامه ورعايته.

الفصل السبعون

العلم

وكان الحسين بعد ذهاب لمياء قد أحس بشيء أذكره حبيبته فلم تعد تذهب صورتها من ذهنه وهو لا يدري السبب الذي بعث على ذلك. ولكن السبب أن صوتها وهي تخاطبه لم يخل من غنة تعود قلبه أن يطرب لها يوم اجتماعه بها فطرب لها الآن وهو لا يعلم أن مخاطبته خطيبته - وكثيرا ما يحدث ذلك والناس لا ينتبهون له - قد يخطر لك أمر يتردد في ذهنك وأنت لا ترى باعثا على تذكره. وإنما تذكرته؛ لأنك رأيت أو سمعت شيئا تعودت أن تراه أو تسمعه مرافقا لذلك الأمر.

Bilinmeyen sayfa