وسمعته يوصده، ثم سمعت قائلا يقول: «أوصدته ... هات ما عندك؟» وهو صوت سالم. فتأكدت أنهما نازلان في تلك الغرفة ففرحت بتلك الفرصة لكن تأثرها كاد يذهب بنفسها لتسارع دقات قلبها. فتجلدت وتذكرت ما كان من بسالتها ورباطة جأشها ومواقفها في ساحة القتال فتماسكت وأصغت. فسمعت أبا حامد يقول: «ذهب ذلك الأسود ولم ننل منه وطرا ... ولكن ذلك من سوء حظه.»
فقال سالم «وسوء حظنا أيضا يا عماه.»
قال: «ما أضعف عزمك يا سالم ... أتحسب قدوم ذلك المملوك الصقلي (جوهر) يغير عزمي؟ إنه لا يلبث أن يعود على أعقابه ...»
قال: «كيف يعود؟ وقد أتى بجيش جرار ولحظت القوم هنا خائفين.»
فقهقه أبو حامد فتصورت لمياء ما يرافق قهقهته من التكشير عن سنيه البارزتين ، ثم سمعته يقول «لا يلبث خوفهم أن يذهب متى وصل ذلك الغلام مغلولا.»
قال: «وأي غلام؟»
قال: «أي غلام! صحيح أنك لم تعلم بعد بالقبض على الحسين.»
فلما سمعت لمياء ذكر الحسين اختلج قلبها وتسارعت دقاته حتى شوشت عليها سماع الحديث فإذا سالم يقول: «قبضوا على الحسين؟ لا لم أعلم بذلك بعد. أين قبضوا عليه؟»
قال: «في فج الأخيار ... لأن لمياء اللعينة أفشت السر وأخبرت المعز بوجود المال هناك فتبرع هو بالذهاب ليحمل ذلك المال إليهم. وجاءني الرسول أمس أن رجالنا هناك قبضوا عليه وأوثقوه وسألوني عما يفعلونه به فأجبتهم أن يحملوه إلى هنا. فإذا جاء حبسناه وجعلناه رهنا ... ما قولك؟»
فقال: «لم أكن أعلم ذلك ... بارك الله فيك. كيف لم تخبرني به حتى الآن ...»
Bilinmeyen sayfa