فقالت: «ألم أقل إنك لا تجد مثلها في القيروان ولا في المغرب كله؟»
فأجاب على الفور: «ولا في مصر أو بغداد.»
فظلت لمياء ساكتة من الحياء فنهض الحسين وودع أم الأمراء، ثم تقدم إلى لمياء وقال: «أستودعك الله إلى أن نلتقي.» ومد يده لمصافحتها.
فمدت يدها ونظرت إليه وصافحته وهي تقول: «في مصر إن شاء الله.»
فوقع قولها وقعا جميلا في أذني أم الأمراء وفهمت منه ما يكفي.
فأكبت عليها وضمتها وقبلتها وقالت: «بارك الله فيك يا ابنتي يا حبيبتي، لله أنت من فتاة نادرة المثال.»
ثم تحول الحسين وهو يقول: «لا أظنني أستطيع مثل هذا الاجتماع قبل سفري إلى فج الأخيار ومتى عدت أين أراك؟»
قالت: «في الفسطاط في قصر مولاي المعز لدين الله على ضفاف النيل - إن شاء الله.»
فكان لقولها تأثير في قلب أم الأمراء؛ لما ينطوي عليه من التفاؤل الحسن مع التفاني الصحيح، والتفتت إليها ثم نظرت إلى الحسين وابتسمت، وقالت: «المراد أن تجتمعا وتسعدا معا، وذلك غاية ما يرجوه أمير المؤمنين.»
ثم أومأت إلى الحسين مودعة فودعها وهم بالخروج وهو ينظر إلى لمياء نظرة المحب الولهان ولم تكن هي أقل تأثرا منه، لكنها قد هاجت فيها عواطف الغيرة والنقمة، فقالت له: «إلى أين يا حسين؟»
Bilinmeyen sayfa