قالت: «لا تخف إنني أحرص منك عليها ولولا ذلك لأرسلتها مع سواها من الخدمة وهي أيضا متى عادت نابت حظها من بضاعتك.» قال: «حسنا.»
فتناولت الأساور ولفتها في منديل وناولتها إلى الخادمة وقالت لها: «اركبي الفرس وخذي معك الخادمين وأسرعي إلى والدتي واعرضي هذه الأساور عليها وأخبريها عن الثمن كما سمعت وعودي بالجواب حالا.»
قالت: «سمعا وطاعة» وركبت وسارت وقد أملت أن تحظى من مولاتها بهدية من تلك الحلي.
أما هند وحماد فبقيا في الغرفة على إنفراد فقضيا برهة صامتين مطرقين والهوى يتكلم ثم خاطبته هي قائلة: «لقد أحسنت فهم مرادي يا حماد.»
فنظر إليها وتنهد وقال: «كيف لا أفهم مرادك وأنت إذا نطقت إنما تنطقين بلساني أو افتكرت إنما تفتكرين بجناني.» فأطرقت حياء برهة تفتش بين الحلي الملقاة أمامها كأنها تريد التكلم ويمنعها الحياء ولبث هو ينظر إلى وجهها وقد هام بحسنها وانبهر لما يتجلى في محياها من نضارة الشباب وما ينبعث من عينيها من أشعة الذكاء وما زال صامتا يرجى أن تفوه بكلمة تجر الحديث ليشكو ما في فؤاده.
فقالت: «أظنك تستخف بي وتحسب جسارتي هذه وقاحة.»
فتنهد وقال: «حاشا لي أن أبخس فتاة غسان حقها أو أن أجحد النعمة التي أولتني إياها بهذا الاجتماع وكيف أحظى بمشاهدة بنت ملك غسان ولا أعد نفسي أسعد خلق الله.»
قالت: «أن هذه الملكة أصبحت أسيرة بكماء لا تعرف ما تقول فقل أنت لعلك تعبر عن بعض ما بي.»
قال: «إذا سمحت مولاتي أقول أني أسيرها وعبدها ولا أحسب تنازلها إلا منة وكرما.»
قالت: «أتعلم يا حماد لماذا اجتمعنا في هذا البيت وهو من بيوت الله.»
Bilinmeyen sayfa