209

Ghassan Kızı

فتاة غسان

Türler

ثم فكر قليلا وقال لهاني: «أرى يا أخا بكر أن أرسل إلى كسرى هدايا فان قبلها سرت إليه» فقال هاني: «نعم الرأي رأيت» فأرسلها إليه فقبلها كسرى خداعا منه قبحه الله. فهم مولاي النعمان بالمسير فقلت: «إني سائر معك ووالله لا أبرحك لحظة» فقال: «أرى أن تبقى عند نسائي خير من أن تذهب معي قلت إني فاعل ما تريده ولكنني أرى النساء آمنات في حمى هاني بن مسعود فأذن بذهابي معك» فأذن وكأن نفسي حدثتني بخطر قريب فسرنا حتى أتينا المدائن فلقينا زيد بن عدي فتشاءمت برؤيته وتحققت سوء قصده وكنت مصيبا في ذلك لأنه لم يكد يلقانا حتى قال للنعمان: «انج نعيم إن استطعت النجاة» فقال النعمان: «فعلتها يا زيد فوالله إن عشت لأقتلنك قتلة لم يقتلها عربي قط ولألحقنك بأبيك». فضحك زيد لعنه الله وتوعده فعلمنا أنها حيلة أعدها له وتحقق النعمان أن الساعة قد دنت وإن القضاء واقع لا مفر منه. فلما وصل إلى كسرى أمر فقيدوه وبعثوا به إلى سجن في خانقين وكنت أتردد إليه في السجن خلسة وأنا أرجو الإفراج عنه أما هو فلم يكن يرجو نجاة.

الفصل الثالث والستون

السر

وسرت إليه ذات يوم صباحا فرأيته قد تغير حاله وامتقع لونه كأنه خائف من أمر قريب ولا أنسى منظره الرهيب في ذلك اليوم فوقفت أنتظر أمره فقال لي: «يا عبد الله».

قلت: «لبيك يا مولاي».

قال: «أرى أن أسر إليك أمرا فهل تعاهدني على حفظه؟»

قلت: «كيف لا؟»

فمد يده وأعطاني هذا الرداء المزركش (قال عبد الله ذلك ونزع الرداء عن كتفيه ووضعه أمامه) فأخذته منه ثم استخرج من يده خاتما عليه اسمه ولقبه وهو هذا (ومد عبد الله يده واستخرج الخاتم من جيبه ووضعه على الرداء)» وكان الحضور شاخصين يحبسون أنفاسهم إصغاء لما سيقوله عبد الله وتوقعا للخطر القريب. وكان عبد الله قد تغيرت سحنته واختنق صوته وتخلله ارتعاش زاد الحضور تهيبا.

ثم قال: «فلما تناولت الخاتم قال لي النعمان: «اعلم يا عبد الله إني في هذا السجن حتى ينقضي أجلي فيخرج ملك الحيرة من أيدي اللخميين لأن عديا هذا سيبذل جهده في إذلالهم خوفا ممن ينتقم لي ولا أعرف من أولادي من يصلح لرفع هذا العار عنا ولكن بين أهلي عند هاني بن مسعود زوجتى سمية وهي حامل وستلد قريبا فاذهب إليها بهذا الخاتم وهذا الرداء وقل لها إن هي وضعت غلاما أن تعهد إليك بتربيته فتربيه تربية رجال القتال حتى يشب شهما حرا واحذر أن تقص شعره أو تخبره عن نسبه قبل الحادية والعشرين من عمره فإذا بلغها قص شعره في دير بحيراء واخبره عن نسبه والبسه هذا الرداء وهذا الخاتم ...».

ولم يكد يتم عبد الله كلامه حتى استولت البغتة على الحضور وخصوصا حماد إذ خيل له أنه في حلم وساعده على ذلك الوهم ضعف النور وهدوء المكان وكانوا لا يرددون أنفاسهم إلا وهم يحذرون أن تعترض حديث عبد الله فلما وصل إلى هذا الحد تحققوا أن حمادا هو ابن الملك النعمان فجعلوا ينظرون إليه نظرة الاحترام. أما عبد الله فحالما بلغ إلى قوله «وألبسه هذا الرداء والخاتم» وقف على قدميه وجعل الرداء على كتفي حماد والخاتم في إصبعه وامسكه بيده وأنهضه وأجلسه على المقعد الحجرى وهم بتقبيل يده فخجل حماد وجذب يده منه فقال له عبد الله لا تخجل يا مولاي انك الآن سيدي ابن الملك النعمان وقد انقضى زمن والدية عبد الله. فجلس حماد على المقعد وجلس عبد الله بين يديه وهم سلمان بيد حماد فقبلها وتأدب في مجلسه وهو يقول: «والله كنت أرى هيبة الملوك على وجهه من يوم عرفته».

Bilinmeyen sayfa