أما جبلة فعلم أنه جاء لأمر يتعلق بخطبته فأذن بدخوله عليه في خلوة فلما التقيا به هم حماد بتقبيل يدي جبلة فانحنى جبلة لتقبيله ثم جلسا وجبلة يرحب به فقال حماد: «قد جئت يا عماه أشكرك على ما تكرمت به علي من الرضا وألتمس دعاءك في ذهابي إلى مكة فإني شاخص إليها على عجل.»
فقال جبلة: «رافقتك السلامة في المسير والإقامة وجعل الله مسيرك سعيدا ولا حرمك مما تريد ولكنني أوصيك يا ولدي أن تبقي ما دار بشأن هند مكتوما حتى تعود لئلا يسبب لنا ذلك مشقة وربما حال دون ما نحن ساعون فيه.»
فأدرك حماد مراده فودعه بالكتمان ثم قال : «معي خادم بل هو رفيق يود تقبيل يديك قبل السفر لأنه سيرافقني ويكون عونا لي فهل يأذن مولاي بمثوله بين يديه.»
قال: «ليدخل.»
فخرج حماد ثم عاد وسلمان معه فتقدم سلمان إلى جبلة وقبل يده ولبثوا هنيهة يتحدثون في ما لم يخرج عن الموضوع من تشجيع وتحبيب الأمر إليه ثم نهض حماد وسلمان وودعا جبلة وخرجا يريدان خيمتهما عند الشيخ النبطي وكل منهما في هاجس.
أما سلمان فلم يكن راضيا بما رآه وسمعه ولكنه رأى حمادا راضيا به مصمما على تنفيذه فلم يشأ تثبيط عزائمه وعول في باطن سره على أن يبذل جهده في مساعدته إلى آخر نسمة من حياته.
الفصل الأربعون
السفر إلى الحجاز
فوصلا الخيمة في المساء وكان النبطي قد استبطأهما لغيابهما يومين كاملين فلما عادا رحب بهما فنزلا وهم يفكران في أمر السفر والاستعداد له والعمدة في ذلك على سلمان فابتاع جملين لحمل الماء والثياب والزاد وسألا الشيخ النبطي عن رجل خبير بالطرق يرافقهما إلى مكة بأجرة ترضيه فسألهما عن سبب السفر فانتحلا سببا أسكته.
فقال: «أما الدليل فإني أدلكما على رجل من أهل يثرب وهي المدينة التي جاء منها الحجازيون الذين قلت لكم أنهم سيخرجون هذه البلاد من أيدي بني غسان وقد جاءني أمس بمهمة من بعض أمراء ذلك الجيش فدللته على بعض الأماكن التي يمكنهم الحصول فيها على زاد لهم وسمعته يقول أنه لا يلبث أن يعود إلى بلده فإذا رافقكما إليها كان لكم به خير رفيق ومتى وصلتم يثرب هان عليكم الوصول منها إلى مكة.»
Bilinmeyen sayfa