فقال: «وما أدرانا انه لم يأت بعد أن استخرجناها أو لعله أرسل من يبحث عنها فلم يظفر بها وعلى كل حال أن سيدي ليس في فلسطين ولا البلقاء ولا عثرت عليه في عمان ويؤخذ من مجمل ما سمعته انه سار إلى الحجاز فهل تأذن لي في الذهاب إلى مكة للتفتيش عنه.»
قال: «لو كنا على يقين من ذهابه إليها لسرت أنا بنفسي ولكننا إنما نرجم بالغيب وزد على ذلك إننا في حال تدعو إلى القلق من أمر الحرب المنتظرة بين الحجازيين والغسانيين وقد سمعتك تشير إليها في أثناء حديثك وكنت في ريب من أمرها مع أني سمعتها من شيخنا النبطي منذ أيام.»
فقال سلمان: «أما مجيء هؤلاء الرجال فلا شك فيه لأني شاهدت معسكرهم شهادة عين بجوار عمان وأما سيدي فالأرجح انه سار إلى الحجاز أو لعله أصيب بما عاقه عن المجيء إلى البصرى ولا يلبث أن يأتي إليها فإذا لم نره بعد أيام علمنا انه سار مع أبى سفيان إلى مكة.»
فلم ير حماد بدا من التربص لما سيظهر من هذا القبيل ولكنه عاد إلى امره مع هند وما عسى أن يكون من شأنها بعد طول الانقطاع وخاف أن يتغلب الفتور على قلبها فيذهب سعيه هدرا.
فقال: «عليك يا سلمان أن تتردد إلى بصرى لعلك تسمع شيئا عن والدي ولا تنس البحث عن هند ووالدها فقد علمت ما داهم الغسانيين من امر الحرب على حين غفلة وأخشى إذا حمى وطيسها أن تذهب آمالنا كلها أدراج الرياح.»
فقال سلمان والقلق ظاهر على وجهه: «وما أدراك أنني غافل عن هذا الأمر وهو شاغل فكرى ليلا ونهارا وكنت عازما على استئذانك في الذهاب إلى بصرى في صباح الغد فقد سمعت الناس يتقولون أقوالا لم أصدقها.»
فبغت حماد وقال: «وماذا عسى أن يكون تقولهم وعمن يتقولون قل ما الذي سمعته.»
قال: «لم أسمع شيئا يوجب قلقا لأني على يقين من حب هند وثباتها في حبك.»
فازداد حماد اندهاشا وقال: «هند؟ وما شأن هند وماذا يتقول الناس عنها قل ياسلمان.»
قال: «هدئ روعك فإني لا أخفي عنك شيئا وخصوصا أن ما سمعته لا يوجب قلقا ولا يجر إلى خوف.»
Bilinmeyen sayfa