فقوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات» والمعنى: الأعمال واقعة، أو حاصلة، وصالحةٌ أو فاسدةٌ، أو مقبولة أو مردودة، أو مثابٌ عليها أو غير مثابٍ عليها بالنيات؛ فإن الأعمال لا تقع إلا عن قصدٍ، وصلاحها وفسادها بحسب صلاح النيات وفسادها، كقوله ﷺ: «... إنما الأعمال بالخواتيم» (١) أي: إن صلاحها وفسادها، وقبولها وعدم قبولها بحسب الخاتمة.
وقوله ﷺ: «وإنما لكل امرئ ما نوى» والمعنى: أن حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت صالحةً فعمله صالحٌ وله أجره، وإن كانت فاسدةً فعمله فاسدٌ وعليه وزره، فلا يحصل له من عمله إلا ما نواه به، فإن نوى خيرًا، حصل له خير، وإن نوى شرًا، حصل له شر، وليس هذا تكريرًا للجملة الأولى [إنما الأعمال بالنيات] فإن الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده، والجملة الثانية: [وإنما لكل امرئ ما نوى] دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة، وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة، وقد تكون نيته مباحةً فيكون العمل مباحًا، فلا يحصل له ثواب ولا عقاب، فالعمل في نفسه: صلاحه، وفساده، وإباحته، بحسب النية العاملة عليه، المقتضية لوجوده، وثواب العامل، وعقابه، وسلامته بحسب نيته، التي بها صار العمل: صالحًا، أو فاسدًا، أو مباحًا.
وقوله ﷺ: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى