وقال النووي: ومن الآداب أن يبسمل أولًا جهرًا، فإن نسي قال إذا تذكر: باسم الله أوله وآخره، وهي مستحبة لكل آكل من صغير وكبير حتى الحائض والنفساء، وينبغي أن يجهر بها جهرًا يسمعه رفيقه سماعًا محققًا، ليقتدي به فيها أو لينتبه غيره لها. ويستحب لكل واحد من الجماعة أن يسمي فإن سمى واحد من الجمع أجزأ عن الباقين، نص عليه الشافعي، لأنها سنةٌ على الكفاية. ومن ترك التسمية عامدًا أو مكرهًا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله سمّى كما لو أنه نسيها. والتسمية في المشروب كالمأكول انتهى. وقال الأذرعي في كتاب وسائل الحاجات للغزالي، وقيل أنه قاله في الإحياء: وإذا بدأت بالأكل فقل في اللقمة الأولى: " بسم الله "، وفي الثانية: " بسم الله الرحمن "، وفي الثالثة: " بسم الله الرحمن الرحيم ". ويجهر به ليذكر من بعد. قلت: أما الجهر بالتسمية فحسن، ذكره غيره، وأما بقية كلامه فلا أحسب له أصلًا يرجع إليه أصلًا، وإن الصواب أن يقول: " بسم الله الرحمن الرحيم " في الأولى والله أعلم انتهى. وأستحب العبادي أن يقول: بسم الله الذي لا يضر مع أسمه شيء. فإن الشيطان يأكل ويشرب من طعام الناس ومائهم.
عودة إلى غسل الأيدي
ثم قال النووي: ومن الآداب أن يغسل يديه قبل الأكل وبعده، لما روى أنس ﵁ أن النبي ﷺ قال: " بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده ". ومعناه غسل اليدين انتهى. وقال أبن العماد: غسل اليدين قبل الطعام ورد في الحديث أنه ينفي الفقر، وبعد الطعام ينفي اللمم، واللمم الجنون.
ويستحب ترك تنشيفها قبل الطعام، لأنه ربما كان في المنديل وسخ فيعلق باليد. ويستحب تقديم الصبيان على الشيوخ في الغسل قبل الأكل، لأنه ربما فقد الماء، لو قدمنا الشيوخ وأيدي الصبيان أقرب إلى الوسخ بخلاف ما بعد الطعام فإن الشيوخ تقدم كرامة لهم، ذكره النووي في فتاويه انتهى.
الدعاء للمضيف
وقال أبن الملقن وغيره: ويستحب أن يدعوا لصاحب الطعام إن كان ضيفًا فيقول: أكل طعامكم الأبرار، وأفطر عندكم الصائمون، وصلت عليكم الملائكة انتهى. زاد البلقيني في الدعاء: وذكركم الله فيمن عنده، وأعترضه بعض الحفاظ. ويستحب لمن حضر وهو صائم أن يدعوا لأهل الطعام ثم ينصرف.
ما يقال بعد الطعام
وقال الغزالي: وإن أكل طعامًا حلالًا قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتنزل البركات، اللهم أطعمنا طيبًا واستعملنا صالحًا. وإن كان فيه شبهة قال: الحمد لله على كل حال، اللهم لا تجعله قوة لنا على معصيتك. وإن كان المأكول لينًا قال: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيرًا منه.
من آداب الطعام أيضًا
ويكره أن يأكل متكئًا وقد فسر بالتمكين في الجلوس من التربع وشبهه. قال الخطابي: وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ. وأن يأكل مما يلي أكيله ومن وسط القصعة وأعلى الثريد كراهة تنزيه، وقيل تحريم؛ لأمره ﷺ بذلك، وخصه بعضهم ما إذا أكل معه غيره، ونص الشافعي في الرسالة وغيرها على تحريم أكله من غير ما يليه، ومن رأس الطعام إذا كان عالمًا بالنهي، ولا بأس بذلك في الفواكه.
1 / 13