إن هؤلاء المنتقدين لمنهج المحدثين ليس هدفهم الحقيقي البحث العلمي بل وليس غايتهم نقد المنهج المحدثين في نقد المتون كما هو ظاهر كلامهم، إنما ذلك وسيلة إلى الغاية الحقيقية وهي الطعن على الدين الإسلامي الحنيف، وبالتالي أشغالنا بالردود، والأخذ والرد معهم، لننشغل بالمعارك الجانبية عن مهمتنا الأساسية وهي حمل رسالة الإسلام إلى البشرية جمعاء والتي أصبحت تتخبط اليوم تبحث عن منقذ ولا منقذ لها سوى الإسلام، فإذا انشغلنا بالمعارك الجانبية – وهذا ما يريده أعداؤنا – فمن يبلغ رسالة الإسلام إلى الناس ويجاهد في سبيل تبليغها؟
ما مدى صحة دعوى تقصير المحدثين في نقد المتون؟
هذا السؤال لا يكفي في الإجابة عليه ما سأشير إليه هنا من الأمثلة والأدلة على بطلان هذه الدعوى، وبيان ضخامة جهود علماء المسلمين في هذا الميدان.
إن ما كتبه علماء الحديث في كتب المصطلح وبينوا فيه الأنواع المتعلقة بالإسناد والاتصال والانقطاع وضبط الراوي وعدالته ونحو ذلك، والأنواع المتعلقة بالمتن كالناسخ والمنسوخ ومشكل الحديث ومحكمه والمعلل وغير ذلك، وكذلك الأنواع المشتركة بين السند والمتن كالإدراج والاضطراب والشذوذ والنكارة وغيرها، وكذلك ما كتبه هؤلاء في كتب العلل ومعرفة الرجال، وكتب الموضوعات، وشروح الحديث وغيرها، كل ذلك دليل على تكامل مناهج المحدثين في نقدهم للروايات سندا ومتنا.
كذلك لا ينسى في هذا المجال ما سطره علماء الفقه وأصول الفقه، فكتب الفقه قد ركزت على المتون تفسيرا وإعرابا وتوضيحا واستنباطا، وفق
1 / 18