Arap İsyanı Tarihi Üzerine Bir Bölüm
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Türler
وملك الإنجليز ناصية الحكم والإدارة، فكان لكبار موظفيهم وصغارهم في الدواوين الكلمة العليا والجاه والهيبة. تكفي كلمة من أحدهم لنقض أي أمر لأي وزير؛ تجد الدليل على ذلك في هذا البلاغ الذي أصدرته الحكومة البريطانية إلى معتمدها في مصر؛ ليبلغه شريف باشا بمناسبة إصراره على الاحتفاظ بالسودان «ما دام الاحتلال المؤقت قائما، فيلزم أن تكونوا على يقين من أن النصائح التي تزجونها لسمو الخديو وحكومته يؤخذ بها وتنفذ؛ ويجب أن يعلم النظار والمديرون صراحة، أنه ما دامت إنجلترة مضطلعة بالمسئولية في مصر فإن حكومة جلالة الملك لا بد أن تطمئن إلى تنفيذ سياستها المرسومة، وإلا وجب على النظار والمديرين أن يتركوا كراسيهم».
وأما الدستور فقد ألغاه الاحتلال وأحل محله في مايو سنة 1883 ما عرف بالقانون النظامي، وبمقتضاه أنشئ مجلس شورى القوانين، وأنشئت الجمعية العمومية وهما هيئتان لا سلطة لهما ولا شبه سلطة، أريد بهما مخادعة الأمة بأن لها مجلسين بدلا من مجلس واحد. وشتان بين هذين المجلسين وبين ذلك المجلس النيابي الذي كانت الوزارة مسؤولة أمامه، والذي وضعت وزارة البارودي أو وزارة الثورة دستوره، فجعلت الأمة مصدر السلطات كما هو الحال في الدساتير الحديثة.
هكذا قضى الاحتلال على كل شيء، وجعل همه بث هيبة إنجلترة في نفوس المصريين والقضاء في عنف على أية محاولة لبعث الروح الوطنية. وألقيت مقاليد الأمور إلى كرومر أحد بناة الإمبراطورية البريطانية وأحد أساطين الاستعمار.
وراح الإنجليز يبثون في عقول الناس أن عرابيا هو سبب النكبة؛ ومما يؤسف له حقا أن كثيرا من المصريين كانوا إلى زمن قريب يرددون هذا الكلام السخيف مخدوعين بما أوحى به كتاب الاحتلال.
ولقد شاع في تلك السنين التي أعقبت الاحتلال، الانحلال القومي في الأمة، وماتت روح المقاومة، وخيل للناس أن الاحتلال قوة لا تقاوم وأن الإنجليز لن يغلبهم غالب.
عرابي يعود إلى وطنه
حدث في الثاني عشر من شهر مايو سنة 1901 أن زار الجزيرة ولي عهد إنجلترة (الملك جورج الخامس فيما بعد)، ولقي عرابيا وترفق به وأظهر له البشاشة وسأله عن صحته وعن حاله، فكانت هذه الزيارة سببا في عودة عرابي إلى مصر. فإن الأمير قد سعى سعيه حتى وافقت الحكومة الإنجليزية على أن يصدر الخديو عفوا عن عرابي وأصحابه.
وقد سافر عرابي من كولمبو إلى مصر في سبتمبر سنة 1901، وودعه أهل سرنديب وداعا عظيما. وبلغ عرابي مصر في أواخر ذلك الشهر فلم يجد الزعيم العائد أحدا من الجيل الناشئ يذكره ويذكر ثورته إلا بالسوء من القول، ولولا بقية ممن شهدوا الثورة وعرفوا حقيقة أمرها، احتفوا بعودته، ما لقيه في مصر أحد. ولم يكن عرابي ليستطيع بعد أن بسط الاحتلال سلطانه على الصورة التي ذكرناها أن يعيد حياته سيرتها الأولى من الجهاد؛ لذلك قضى أيامه بمصر في هدوء تحت مراقبة الاحتلال، وكان يتألم عرابي أشد الألم مما آلت إليه مصر من حكم الأجنبي إياها، وقضائه على دستورها كما كانت تملأ الحسرة نفسه كلما علم أن الجيل الناشئ لم يكن يعلم حقيقة حركته التي شوهها الاحتلال والتي لم تجد من يدافع عنها.
عرابي بعد عودته من المنفى.
ولم يستطع عرابي أن ينشر في مصر شيئا عن ثورته؛ لأن الاحتلال كان يمنع ذلك كما يمنعه الخديو عباس الذي كان ينقم على عرابي أشد النقمة لموقفه من أبيه.
Bilinmeyen sayfa