والجليد. وجه أسدي وعينان تقدحان شررا، وإن لم يفارق العمص
12
موقهما. كان قويا جدا ولكنه - لحسن الحظ - جبان، وإلا كان أكل الناس.
لم تنقض سنوات حتى صار لقرياقوس بيت وقبو وبئر، بناها بما قلع من حجارة، ولم ينزل عن حقه في الآبار القديمة الموروثة؛ ليظل باب الخصام مفتوحا ... أجال قرياقوس يد العمارة في الأرض الموات التي أحياها، فأمست توتا يربي عليه ثلاث علب من بزر القز، ويقبض في كل موسم عشرات الدنانير.
غرس الأشجار المثمرة حول بيته، ولم يترك شبرا واحدا بورا، فلم تكن تجد عند الضيعة مجتمعة ما تجده عنده من ثمار وفواكه. يبدأ بأكل التين من منتصف آيار، وينتهي في آخر كانون الثاني. من التين القزي، إلى السويدي، فالحميري، فالبقراطي، فالبويضي، فالشتوي. وكذلك العنب المتعدد الأشكال، المختلف الطعوم، ما عدا الجوز واللوز، والمشمش والقراصيا، والخوخ والتفاح والإجاص ... إلخ. إذا سمع قرياقوس بصنف أو نوع شمر
13
ساعيا إليه، وجاء به وغرسه حول بيته؛ فأمسى وعنده جنة فيها من كل فاكهة زوجان. كثيرا ما كنا نغزو العم قرياقوس ونعود غانمين، ولكننا قلما كنا نسلم من سباب تقذفنا به تلك الحنجرة، فيصل إلى آذان الناس وكأنه حجارة المقلاع.
ولم تقف همة قرياقوس عند بيته، بل حملته إلى عقار آخر في ضاحية الضيعة، فحرثه ونقبه وغرس فيه الأشجار المثمرة. كان في تلك القطعة نبع مطمور
14
اسمه «عين صيوح»، فنبشه وسماه «العين الجديدة»، ثم طمه بعد حين؛ لأن الناس كانوا يردونه خفافا ويصدرون عنه ثقالا، يمدون أيديهم إلى العنب والتين والفواكه، وهذا ما يغيظ البطل.
Bilinmeyen sayfa