ودخل حنا ديب فرأيته مشدود الساعدين بمرسة، فتوقعت هذا المصير إذا اتبعت قباحاتي، فقال جدي لحنا ديب: يا حنا، يا ابني، اتركوا السما لأهلها، وعيشوا مع بعضكم بمحبة الله. مار قبريانوس ومار شليطا! ...
فقاطع الآغا جدي، وقال: الحكومة تربي الأرض، والعصا علمت الدب الرقص. أسلم لك ولغيرك يا حنا، الهدوء والسكينة. من يقاوم الحكومة؟ تعرف مدة حبسك؟ على الأقل سنة، ما عدا - ومد أصابع كالمدرى،
21
وأخذ يعدد عليها - الجزا النقدي، والعطل والضرر، وأجرة «البوكاتي»،
22
ومصاريف الشهود والدرب. وختم بقوله: وبرطيل الآغا.
وتضاحك ثم قال: إذا حبسوك جمعتين يخرب بيتك، فكيف إذا حبسوك سنة. اشكر ربك، المحترم مهتم بقضيتك، وإكرامه واجب علينا، هذا بركة الجميع. سيدنا البطرك يعد خاطره. وتنحنح وسعل ليصفو صوته، ثم قال: قل نشكر الله، وقعتك سليمة، اسمع من المحترم، وادفع الذي يفرضه عليك مع حبة مسك.
فأطرق جدي قليلا، ولكن الآغا ما انتهى. ظل يحكي ساعة، وكلما أراد جدي أن يقاطعه يقول: «دستور» بإذنك يا معلمي ... وأخيرا كفل جدي حنا، ففك الآغا كتافه على أن يطلبوا في الغد غريمه بطرس، وينظروا في عقد صلح بينهما.
وانصرف جدي إلى مخدعه، وبقي الوالد والآغا يتسامران، فقال والدي: أيش قول الآغا في كاس عرق؟ - كاترينا، لقمة عشا للآغا، من الحواضر.
فحلف الآغا أنه تعشى من خير الوالد، وافتدى العشاء بقنينة العرق التي كان يسميها المرحوم: ستارة العيوب وفضاضة المشاكل ... ودار على الشراب حديث ستظهر نتيجته في مجلس الصلح ...
Bilinmeyen sayfa