قلتُ: محله النصب على أنها صفة ثانية لجنات، أو حال من ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ على حد: معه صقرٌ صائدًا به غدًا، و﴿بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ (١)، أي: بشرهم مرزوقين على الدوام، أو في محل الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمرُ كَيْتَ وكَيْتَ، ولا يجوز أن يكون حالًا من ﴿جَنَّاتٍ﴾ لكونها موصوفةً، وفي الجملة ضمير يعود إليها، وهو قوله: ﴿مِنْهَا﴾، كما تقول: مَلَكَ زيدٌ الدارَ وهو جالسٌ فيها، فلك أن تجعل وهو جالس حالًا من الدار، لأجل الضمير العائد إليها، وهو قولك: (فيها) كما زعم بعضهم لعدم العامل. ولك أن تجعلها جملة مستأنفة لا موضع لها من الإعراب.
وقوله: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾: أصل (أُتُوأ): أُتِيُوا، فاستُثقلت الضمة على الياء، فحذفت فسكنت، وواو الضمير بعدها ساكنة، فحذفت لالتقاء الساكنين، وضمت التاء لتصح الواو، ومحله النصب على الحال و(قد) معه مضمرة، أي: قالوا ذلك وقد أتوا به. ولك أن تجعله مستأنفًا، والضمير في (أتوا) لأهل الجنة.
وقرئ: (أَتَوْا به) بفتح الهمزة والتاء (٢)، فالضمير على هذا لخَدَمِهم، والضمير في ﴿بِهِ﴾ للمرزوق. و﴿مُتَشَابِهًا﴾: حال منه.
وقوله: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ﴾ (أزواج): رفع بالابتداء، وخبره الظرف الذي هو ﴿لَهُمْ﴾، أو بالظرف المذكور على رأي أبي الحسن، فلا ضمير على هذا في الظرف.
و﴿فِيهَا﴾: في محل النصب على الحال، لتقدمه على الموصوف وهو ﴿أَزْوَاجٌ﴾، ولك أن تجعله ظرفًا للظرف، وهو ﴿لَهُمْ﴾.
(١) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٢) نسبت إلى هارون الأعور والعتكي، انظر المحرر الوجيز ١/ ١٤٩، والقرطبي ١/ ٢٤٠، والبحر المحيط ١/ ١١٥.