Aesthetes
والانطباعيين الفرنسيين بصفة رئيسية استيقظ ضمير إستطيقي كان هاجعا منذ ما قبل أيام «النهضة»، وشرع يصيح: «هل هذا فن؟»
ومن الطريف أن نتذكر أن أول ضجة متفق عليها أثيرت ضد «النهضة» وعقابيلها الصارخة كانت في إنجلترا؛ فالحركة الرومانسية، التي كانت فرنسية وألمانية بقدر ما هي إنجليزية، كانت مجرد رد فعل من كلاسيكية القرن الثامن عشر، ولم تهاجم الاستبداد السائد إلا قليلا، ولم تنبذه إلا أقل القليل. إن من حقنا أن نبتهج بحركة «قبل الرفائيليين»
كشاهد للتفوق الحاسم لإنجلترا في الاستقلالية وعدم التقليدية في التفكير، يبدأ الإحباط عندما يتعين أن نعترف بأن الثورة لم تفض إلا إلى عدد هائل من اللوحات الرديئة وإلى عاطفة هزيلة ضئيلة، كان «قبل الرفائيليين» أهل ذوق أحسوا عمومية «النهضة العالية»
The High Renaissance
وتميز ما أسموه «الفن البدائي» الذي عنوا به فن القرنين الخامس عشر والرابع عشر. لقد رأوا أن المصورين منذ «النهضة» كانوا يحاولون أن يفعلوا شيئا مختلفا عما فعله البدائيون، ولكنهم لم يمكنهم أن يروا في حياتهم ما هو ذلك الذي فعله البدائيون. كانت ذائقتهم تفضل جوتو على رفائيل، ولكن السبب الوحيد الذي أمكنهم أن يقدموه لتفضيلهم هو أنهم يحسون أن رفائيل سوقي، وهو سبب وجيه، ولكن ليس أساسيا؛ ومن ثم بدءوا يخترعون أسبابا أخرى، واكتشفوا في البدائيين إخلاصا شديدا للطبيعة وتقوى عالية وحياة عفيفة. وقد ظهر بعدهم الشديد عن الحدس بسر الفن البدائي عندما بدءوا هم أنفسهم يرسمون لوحات: سر الفن البدائي هو سر كل فن، في كل زمان، وفي كل مكان - الحساسية للدلالة العميقة للشكل وقوة الخلق. لكليهما تفتقر عصبة الإخوة السعداء، ولذا فلا عجب أنهم تعين أن يجدوا المادة في أفعال التقوى وفي الأساطير والرموز، ويجدوا في الكهنوت الصحيح الجوهر نفسه للفن القروسطي، ومن أجل إلهامهم نظروا إلى الماضي بدلا من أن ينظروا حولهم، وبدلا من أن يغوصوا التماسا للحقيقة فقد التمسوها على السطح. الحق أن «قبل الرفائيليين» لم يكونوا فنانين بل أركيولوجيين يحاولون أن يجعلوا الفضول الذكي يقوم بعمل التأمل المشبوب العاطفة، وهم كفنانين لا يختلفون اختلافا جوهريا عن حشد المصورين الفيكتوريين، ولسوف يعيدون إنتاج الزخرف البراق للفن القوطي المتأخر بالتزام عبودي مثلما يعيد الأكاديمي الصارم إنتاج نفطات برتقالة، وإذا حاولوا فعلا أن يبسطوا - إذ إن بعضهم لاحظ تبسيط البدائيين - فقد فعلوا ذلك لا بروح فنان بل بروح قرد مجتهد.
التبسيط هو تحويل التفصيل غير ذي الصلة إلى شكل دال. كان بوسع واحد من «قبل البرفائيليين» شديد الجرأة أن يمثل قوس قزح بواسطة ورقتي نجيل دقيقتين دقة بالغة، غير أن ورقتي نجيل بالغتي الدقة هما خارجتان عن الموضوع خروج مليوني ورقة، إنما الدلالة الشكلية لورقة النجيل أو قوس قزح هي ما يعني الفنان. إن منهج قبل الرفائيليين هو في أفضل الأحوال رمزية وفي أسوئها سخف محض، ولو كان «قبل الرفائيليين» ينعمون بعقول عميقة التخيل لكانوا استردوا روح العصور الوسطى بدلا من تقليد مظاهرها الأقل دلالة، ولكنهم لو كانوا فنانين عظاما لما رغبوا في استرداد أي شيء، بل ابتكروا أشكالا لأنفسهم أو استقوها من محيطهم، تماما كما فعل فنانو القرون الوسطى، الفنانون العظام لا ينظرون وراءهم البتة.
عندما يشرف الفن على الموت كما كان في منتصف القرن التاسع عشر، ينظر للدقة العلمية على أنها الغاية الصحيحة للتصوير، يقول «الانطباعيون الأكاديميون» حسن جدا، كن دقيقا، كن علميا، في أفضل الأحوال يسجل المصور الأكاديمي تصوراته، ولكن تصوره ليس واقعا علميا ، ينبئنا أهل العلم أن الواقع المرئي للعالم هو اهتزازات ضوء، فلنتمثل الأشياء كما هي علميا، لنمثل الضوء، لنرسم ما نراه، لا البناء الفوقي الذي نشيده فوق إحساساتنا. كانت تلك هي النظرية، ولو كانت غاية الفن هي التمثيل لكانت صحيحة بدرجة كافية، غير أن غاية الفن ليست التمثيل، كما عرف الانطباعيون العظام رانوار
Renoir
وديجا
Bilinmeyen sayfa