8
فإلى أي حد يؤدي الوجد العام إلى تنشيط إنتاج الفن أو تؤدي الأعمال الفنية إلى الوجد العام في عصر معين من العصور؟ هذا ما سوف يتضح عندما أحاول في الفصل القادم أن أرسم مخططا للمنحدر المسيحي: صعوده وانحداره وسقوطه. (3) الفن والأخلاق
Art and Ethics
يبقى بيني وبين المواضع السارة من التاريخ رغم ذلك حاجز صفيق واحد؛ فليس بوسعي أن ألهو وأخضخض في برك الماضي وضحله قبل أن أجيب عن سؤال هو من العبث بحيث لا يكل الحمقى من ترديده: «ما هو التبرير الأخلاقي للفن؟» إنهم على حق بالطبع أولئك الذين يلحون على أن إبداع الفن يجب أن يبرر على أساس أخلاقي؛ فجميع النشاطات البشرية يجب أن تبرر أخلاقيا. إن من صلاحيات الفيلسوف أن يطالب الفنان بإثبات أن ما يقوم به هو إما خير في ذاته وإما وسيلة إلى الخير، وإن من واجب الفنان أن يجيب: «الفن خير؛ لأنه يعلو بنا إلى حالة من النشوة أفضل بكثير مما يمكن أن يخطر ببال الداعية الأخلاقي البليد الحس، وفي هذا وحده الكفاية.» إن الفنان على حق من الوجهة الفلسفية، كل ما في الأمر أن الفلسفة ليست بهذه البساطة التي يجيب بها الفنان، فلنحاول إذن أن نجيب بطريقة فلسفية.
يحقق الداعية الأخلاقي فيما إذا كان الفن إما خيرا في ذاته وإما وسيلة إلى الخير، وقبل أن نجيبه علينا أن نسأل ماذا يعني بكلمة «خير»، لا لأن لدينا بها أدنى شك، بل لنحمله على أن يفكر. الحق أن الأستاذ جورج مور
G. Moore
قد أثبت بصفة نهائية تقريبا في كتابه «مبادئ علم الأخلاق»
أننا جميعا بكلمة «خير» نعني الخير ولا أكثر؛ فكلنا نعرف جيدا ما نعنيه رغم عجزنا عن تعريفه، فكلمة «خير» لا يمكن أن تعرف أكثر مما تعرف كلمة «أحمر»: ف «الكيفية»
quality
لا يمكن أن تعرف، غير أننا نعرف تماما ما نعنيه عندما نقول عن شيء إنه «خير» أو «أحمر»، ذاك حق بلغ من الوضوح مبلغا أقلق الفلاسفة التقليديين (ولا نقول أغضبهم) قلقا عظيما.
Bilinmeyen sayfa