راعي المعز :
وأما أنا فأود أن أراك مثلي حرا سعيدا، ولكن أما عند الآلهة من دواء لبلواك؟ لدينا بلاسم عذبة ومياه صافية تسكن بها جراح النفوس، لدينا من سحر الأغاني ما يجفف دمع الجفون.
راعي الغنم :
لكم ذلك، أما أنا ... فلا ... ليس لي إلا الآلام، لقد حكم القضاء أن أكون عبدا، ولا بد من نفاذ حكمه، وإلى جواري كلبي أسترقه بدوري حتى لترعده إشارتي، وما لدي غيره، ينتقم منه يأسي الصامت لما ينزل بي من آلام.
راعي المعز :
وتلك الأرض التي عنها صدرنا، وخصبها العذب أما تستطيع أن تشفي من آلامك؟ انظر إلى جمالها المشرق، انظر إلى الصيف البهيج؛ يغدق نعمه وقد أقبل تسوقه أشعة الشمس، يحنو على المروج فيباين من رداء الربيع الأخضر، انظر إلى حبات المشمش وقد أخذت عذوبتها تذكو، ولونها يصفو كعسل النحل، انظر إلى زهر الخوخ البنفسجي وقد زين أشجاره معلنا ما سوف يتبعه من حلو الفاكهة، انظر إلى حقول الغلال وقد تكاثفت سنابلها في غابات صفراء منتظرة مناجل الحصاد، إن في ذلك لحفلا نبيلا من إلهة الطبيعة. ها هي ذي إلهة السلام وآلهة الخصب الصافيتا النظرات، الهادئتا اللحاظ تخفان إلينا وبأيديهما سنابل، وقد تبعتا آثار إله الأمل؛ لتسكبا من القرن الذهبي مشرق الخيرات.
راعي الغنم :
لا شك أنها تظهرك على مواقع أقدامها، أما أنا فلا أستطيع أن أراها، وعيناي عينا رق، أرسل الطرف فلا أرى إلا أرضا مجدبة مهلكة، حملتها كارها على أن تدر الخير على غيري، تحت الشمس المحرقة أكدح لأحصد ما يتغذى به غيري وأنا أتضور جوعا، وذلك كل ما أعرف عن تلك الأرض، حتى لكأنها لم تكن لي أما كما كانت لكم بل زوجة أب، والطبيعة كلها ليست أشد وقعا على بصري، وألما لنفسي من وادي الموت الذي تراه هنا والذي يملؤك رعبا.
راعي المعز :
ومهام غنمك وهمس ثغائها الرقيق الهادئ، أما في ذلك ما يدخل السرور على نفسك الجامدة، أما تطربك رؤية حملانك الوادعة النظرات؟ كما تطربني مداعبة صغار معزي، وقد أخذت تمرح وتجري مرسلة في الهواء أصواتها الرقيقة! لكم من مرة أراها تهرول فوق الندى، ولامع الحشائش إلى جوار أمهاتها؛ فأقفز معها فرحا طروبا.
Bilinmeyen sayfa