الفضيلة: هي فن إسعاد الذات بالعمل على إسعاد الغير.
الفلسفة اليونانية في العالم القديم
كانت الفلسفة اليونانية خلال الأعصر القديمة محورا دار من حوله الفكر البشري عصورا متعاقبة، ولم يفلت العالم من التأثر بالفكر اليوناني تأثرا مباشرا، إلا منذ عهد قريب قد يكون عصر نيوتن مفتتحه، وعصر دروين ختامه.
ومن العجيب أن تتأثر كل نواحي الفكر بما أبرز العقل اليوناني من منتوج، وما خلف من مستحدثات حتى إن رجال الدين في العصر النصراني قد عمدوا إلى منطق أرسطوطاليس كما عمد العرب إلى الصور التي استحالت إليها الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني في مدارس الإسكندرية ونصيبين والرها وغيرها، يستعينون بها على وضع قواعد «الكلام» في صورة جديدة، تؤيد المعتقد الديني من طريق عقلي صرف، على قدر ما يتقيد العقل الإنساني بمنطق أساسه الاستنتاج دون الاستقراء.
ولما أشعت أضواء العقل اليوناني في جنبات العالم المتمدين، مبتدئة في آسيا الصغرى، منذ عهد «طاليس
Thales » منتقلة إلى أثينا وبقية المدن اليونانية تناقلها محبو الحكمة من بلد إلى بلد، ومن حاضرة إلى أخرى، حتى عم نورها شرقي البحر المتوسط، وما زالت تلك الأضواء تمتد في سماء الفكر وأشعتها تخترق حجب المدنيات، حتى بلغت حران وجزيرة العرب، فكان لها مراكز للثقافة، انتقلت إلى الشرق ثم إلى شمال أفريقية، حيث تكونت نواة جديدة أبرزت صورة من صور الفكر اليوناني، وضعها الفيلسوف أرسطبس القوريني.
من الأضواء القوية التي أرسلها الفكر اليوناني ضوء انبعثت أشعته عن عقل الحكيم الخالد سقراط فإن الشعلة التي أذكاها هذا العقل قد أضاءت كل أرجاء العالم الذي أظله النفوذ اليوناني في الأعصر القديمة، ففي شمال أفريقية وعلى شاطئ البحر المتوسط الأفريقي، وعلى غربي مدينة الإسكندرية ومن فوق الجبل الأخضر بمدينة قورينة، تكونت شعبة من المذهب السقراطي، ظلت يافعة مثمرة عدة أجيال، ثم ذوت دوحتها دراكا حتى إذا ما أصابها الانحلال ظهرت مرة أخرى في جوف بلاد اليونان، ممثلة في المذهب الأبيقوري المعروف، ذلك المذهب الذي قدر له أن ينقسم عدة شعب، منها الشعبة التي كونت المذهب الرواقي، وهو مذهب أخضع العقل الروماني والأخلاق الرومانية لسلطانه أجيالا عديدة.
قورينة والمدائن الخمس
في مقاطعة برقة وعلى شاطئ طرابلس الغرب، نزل عدد من اليونان ليستعمروا تلك البقاع التي لم يكن ينقصها من شيء لتكون رقعة من رقاع الفردوس، إلا مهارة الصانع وقدرة الفنان وخيال الشاعر، وإقدام الرائد.
وعلى مدى الزمان شيد هؤلاء اليونان الذين نزحوا إلى تلك البقاع، ليزودوها بما كانت تحتاج إليه من الكفايات العليا؛ خمس مدائن كانت «قورينة
Bilinmeyen sayfa