Biyoloji Biliminin Felsefesi: Çok Kısa Bir Giriş
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
Türler
من علم الأحياء الاجتماعي إلى علم النفس التطوري
في سبعينيات القرن العشرين، قدم علم الأحياء الاجتماعي الناشئ نهجا جديدا جريئا لدراسة السلوك البشري. وقد طبق علم الأحياء الاجتماعي بريادة إدوارد ويلسون عالم الأحياء بجامعة هارفرد نظرية التطور على السلوك الاجتماعي للبشر، وعلى بنية المجتمع البشري بشكل عام. كانت الفرضية الأساسية هي أن الجينات لها تأثير قوي على السلوك البشري وأنه قد تطور بالانتخاب الطبيعي؛ لذلك يمكن تقديم تفسيرات داروينية لسلوكيات واتفاقات اجتماعية معينة. أحد أوضح أمثلة ويلسون كان «حظر زنا المحارم». فعلى الرغم من اختلاف الأعراف الجنسية بشكل كبير بين المجتمعات البشرية، فإن زنا المحارم محظور في جميعها تقريبا؛ كما أن البشر ينفرون منه غريزيا. فما السبب؟ طرحت تفسيرات أنثروبولوجية مختلفة، لكن ويلسون ذهب إلى أنه يوجد تفسير دارويني بسيط لذلك. غالبا ما تظهر عيوب خلقية في ذرية الأزواج من المحارم، لذلك كان هناك ضغط انتخابي قوي لتنحية زنا المحارم. ويرى ويلسون أن هذا هو السبب في أن النفور من زنا المحارم تطور لدى الأفراد وفي حظر المجتمعات له. مثال آخر أكثر استنادا إلى التخمين هو وجود المثلية الجنسية في الذكور. مستشهدا بنظرية انتخاب الأقارب، ذهب ويلسون إلى أنه على الرغم من أن السلوك المثلي يؤدي إلى انخفاض صلاحية الذكر الفرد، فإنه ربما يمنح ميزات في الصلاحية غير مباشرة لأقاربه. من ثم، يمكن للانتخاب الطبيعي أن يبقي على جينات المثلية الجنسية في مجموعة ما.
كان علم الأحياء الاجتماعي محط جدل شديد في السبعينيات، وكان جانب كبير من ذلك الجدل متطرفا، وغالبا ما كان يحظى بمتابعة إعلامية. اعتبره نقاده مشروعا رجعيا من شأنه أن يفتح الباب لعلم تحسين النسل. إذا ما نظرنا إلى الماضي، فسيتضح لنا أن العديد من النقاد كانت تحركهم دوافع سياسية فأساءوا عرض دراسات ويلسون. لكن أثيرت أيضا انتقادات علمية سليمة، ثلاثة منها تستحق الذكر. أولا، كان توقع ويلسون الواثق بأن العلوم الاجتماعية ستصبح «فرعا من علم الأحياء» توقع لا يستند إلى أدلة. فاعتماد نهج تطوري للسلوك البشري لا يعني بالضرورة الاستغناء عن علماء الاجتماع. فعلماء الاجتماع يهتمون عادة بالتفسيرات المباشرة لا المطلقة (راجع الفصل الثاني). ثانيا، نزع علماء الأحياء الاجتماعية إلى المبالغة في تبسيط العلاقة بين الجينات والسلوك، وغالبا ما يتحدثون كما لو أن الجينات تحدد أنماط سلوك معينة بشكل حاسم. وهذا افتراض غير صحيح لأنه يتجاهل العوامل البيئية، ويتجاهل دور الإدراك في إنتاج السلوك البشري. ثالثا، تكون تفسيرات علم الاجتماع الحيوي أكثر منطقية عندما يكون السلوك عاما (مثل تجنب زنا المحارم). ولكن كثيرا من السلوكيات البشرية «طيعة» للغاية، أي إنها عرضة للتغيير وفق الظروف، ومتباينة عبر الثقافات.
اعتمد علم النفس التطوري هذين النقدين الأخيرين، وهو تخصص ظهر في الثمانينيات خليفة لعلم الأحياء الاجتماعي، ووصل إلى أوجه في يومنا هذا. كان الإسهام الرئيسي لعلم النفس التطوري هو البحث عن تفسيرات تكيفية لا للسلوك البشري بشكل مباشر، بل لأسسه المعرفية أو النفسية. يرى أنصاره أنه على الرغم من أن السلوك البشري متغير وخاضع للتأثير الثقافي، إلا أنه يوجد مع ذلك تكوين نفسي عام يشترك فيه جميع البشر طوره الانتخاب الطبيعي، وهو يحكم بقوة سلوكنا. ويرون أنه يتكون من مجموعة من «الوحدات العقلية» تختص كل منها بوظيفة محددة. ينتج السلوك الفعلي عن تشغيل وحدة ما في موقف محدد. من أمثلة ذلك وحدة لمعالجة اللغة، ووحدة للتعرف على وجوه الآخرين، ووحدة لاختيار الشريك، ووحدة لاكتشاف «الغش» في التعاملات الاجتماعية. تتناقض فكرة الوحدات العقلية المتعددة، التي يطلق عليها أحيانا نموذج «سكين الجيش السويسري»، مع وجهة النظر التقليدية القائلة بأن البشر يؤدون مهام مختلفة باستخدام آلية نفسية واحدة متعددة الوظائف. يرى علماء النفس التطوريون أن التنظيم ذا الوحدات أكثر كفاءة؛ لأنه يسمح بإنتاج السلوك التكيفي بسهولة أكبر.
على الرغم من أن علم النفس التطوري يعتمد على التكيف في جوهره، فإن أنصاره لا يعتقدون أن سلوك الإنسان الحديث تكيفي في جميع الحالات. فهم يرون أن العقل البشري متكيف بشكل جيد على أسلوب حياة الصيد وجمع الثمار الذي ساد في معظم مراحل التطور البشري. ولكن في آخر 12 ألف سنة، طرأت على البيئة تغيرات سريعة لم يتح للتطور الجيني الوقت الكافي لمسايرتها. لذلك يمكن أن تؤدي «عقولنا المتكيفة على العصر الحجري» إلى سلوكيات غير متكيفة على العالم الحديث. هذه الفرضية المعروفة باسم «عدم التطابق التطوري» معقولة تماما في بعض الحالات. على سبيل المثال، كان اشتهاؤنا للسكر على الأرجح تكيفيا في البيئات التي تطور فيها هذا الاشتهاء ولكنه يؤدي إلى السمنة في البيئات الحديثة التي يتوافر فيها السكر بكثرة. تشمل بعض الأمثلة الأكثر إثارة للجدل السلوكيات الإدمانية، والضغط العصبي في أماكن العمل، واكتئاب ما بعد الولادة، وقد قيل إن كلا منها ينشأ من ميول نفسية متطورة كانت ستعد تكيفية في العصر البليستوسيني.
على الرغم من أن علم النفس التطوري أفضل منهجيا من علم الأحياء الاجتماعي، وأنه أدى إلى الكثير من الأبحاث المثيرة للاهتمام، فإنه لم يسلم من الجدل. أحد أسباب ذلك هو هوس بعض علماء النفس التطوريين الفضوليين بالسلوكيات الجنسية البشرية (وفيها الاغتصاب)، والاختلافات بين الذكور والإناث؛ وهي موضوعات حساسة لا محالة. أيضا، يرى نقاده أن الاعتقادات الفكرية لعلماء النفس التطوريين، مثل إيمانهم بوجود تكوين نفسي عام للبشر وبالوحدات العقلية التي تتحكم بها الجينات، تتجاوز الأدلة المتاحة. يتهم اتجاه نقدي آخر علم النفس التطوري بتبنيه التكيفية الساذجة التي انتقدها جولد ولونتين (راجع الفصل الثالث)، والتي تفترض مسبقا أنه يمكن إيجاد تفسير تكيفي لأي صفة. على الرغم من أن هذه الانتقادات وجيهة، لا سيما المتعلقة بأبحاث شهيرة في علم النفس التطوري، فإن أفضل أبحاث هذا المجال تتوافق مع أعلى المعايير العلمية.
النقد الأخير، الذي يمكن في الواقع توجيهه إلى كل النظريات التي تفترض أساسا وراثيا للسلوك البشري، هو أنها تتعارض مع إحساسنا بالإرادة الحرة. نحن البشر نعتقد بديهيا أن أفعالنا ناتجة عن اختياراتنا الواعية، أي إننا فاعلون متصرفون. لكن يبدو أن وجود تأثيرات جينية قوية على سلوكنا، أو على تركيبنا النفسي الأساسي، يزعزع هذا الاعتقاد. على سبيل المثال، على الأرجح ستجيب امرأة تسأل عن سبب زواجها من رجل أعمال ناجح بأنها تحبه. ولكن كيف يمكن أن يتوافق ذلك مع افتراض علماء النفس التطوريين أن النساء لديهن «وحدة اختيار زوج» في تركيبهن تقودهن للبحث عن أزواج من ذكور ذوي مكانة عالية؟ علاوة على ذلك، هو يهدد أيضا تحمل الأشخاص لمسئولية أفعالهم. إذا كان لدى الذكور البالغين جينات تجعلهم عدوانيين، فكيف يمكننا أن نلوم الذكر على فعل عدواني أثناء القيادة؟ ألن يستطيع أن يتذرع بأن «جيناته هي التي دفعته إلى ذلك»؟
يوجد ردان لهذه الحجة. أولا، لا أحد يقترح بجدية أن السلوك البشري تحكمه بالكامل الجينات. إنما على الأكثر، قد تكون هناك نزعات وراثية متفاوتة في شدتها، لسلوكيات معينة. ثانيا، والأهم من ذلك، أن ما يهدد إحساسنا بالإرادة الحرة هو في الحقيقة فكرة أن سلوكنا ناجم عن سبب ما لا عن اختيار حر؛ كون السبب «جينيا» من عدمه لا يهم. فالأسباب البيئية تهدد إحساسنا بحرية الإرادة بالقدر نفسه. افترض أنه اتضح أن السلوك العدواني لذكر بالغ ناتج عن عقاب جسدي تعرض له في طفولته. يظل بإمكان الرجل الذي ارتكب فعلا عدوانيا أثناء القيادة أن يدعي البراءة زاعما أن تجارب طفولته، لا جيناته، هي التي دفعته إلى ذلك الفعل. كما يوضح هذا المثال، فإن إيجاد مكان للإرادة الحرة في عالم تسوده الأسباب هي مسألة فلسفية عامة جدا تنشأ في شتى المجالات. فهي لا تقتصر على علم الأحياء الاجتماعي أو علم النفس التطوري، لذلك لا ينبغي أن تعتبر اعتراضا على هاتين النظريتين فقط.
التطور الثقافي
هناك نهج مختلف تماما لتطبيق الأفكار الداروينية على السلوك البشري يعرف باسم التطور الثقافي، أو نظرية الوراثة المزدوجة. وهي نظرية تنطلق من ملاحظة وجود اختلافات ثقافية هائلة بين الجماعات البشرية. تأمل على سبيل المثال اختلاف الترتيبات العائلية والممارسات الجنائزية والأساليب المعمارية حول العالم. نظرا لأن هذه الاختلافات الثقافية نشأت سريعا، في غضون بضعة آلاف من السنين، يمكننا أن نجزم بأنها لا تنبع من الاختلافات الجينية. لذا يبدو أن الثقافة البشرية «مستقلة» عن الأسباب البيولوجية. على الرغم من ذلك، يظل من الممكن أن تتطور الثقافة من خلال عملية شبيهة بالداروينية. حيث إن لدى البشر مصدرين متوازيين للوراثة، جينيا وثقافيا. مثلما نرث الجينات من آبائنا البيولوجيين، فإننا نرث الممارسات والمعتقدات الثقافية من «آبائنا الثقافيين»؛ الذين قد يكونون آباءنا البيولوجيين أو أعضاء آخرين في جماعتنا الاجتماعية. هذا يعني أنه من حيث المبدأ، يمكن أن يؤثر الانتخاب الطبيعي على الاختلافات الثقافية وكذلك الجينية، مما يؤدي إلى انتشار بعض الممارسات الثقافية بين السكان وانحسار بعضها.
Bilinmeyen sayfa