Ahlak Felsefesi Üzerine Tartışmalar
مباحث في فلسفة الأخلاق
Türler
وبيان ذلك أن من الأعمال التي تصدر عن الإنسان أعمالا لا دخل لإرادته ولا لتفكيره فيها، وذلك كأعمال الجهاز التنفسي والدموي والهضمي، وهذه هي الأعمال الآلية التي تحدث والمرء نائم أو يقظان، مفكر أو غير مفكر، ومنها أعمال منعكسة أي ناشئة عن سبب خارجي عن الجسم، مثل: اختلاج العين عند الانتقال فجأة من ظلمة إلى نور، وانقباض اليد عند وخزها، وهذه الأعمال كسابقتها لا كسب للمرء فيها ولا تتعلق إرادته بها. وإذا عرفنا أن علم الأخلاق يرتب مسئولية خلقية على الأعمال، تبين لنا بجلاء أن الأعمال غير الإرادية سواء أكانت آلية أم منعكسة ليست في شيء من موضوعه؛ لأنه لا يتدخل إلا حيث يكون القصد والاتجاه والإرادة.
على أن هناك نوعا آخر من الأعمال آخذا بشبه من الأفعال الإرادية وغير الإرادية، ومن ثم قد يشتبه الحكم فيها: أيتناولها علم الأخلاق فيصف بعضها بالخير وبعضها بالشر ويرتب على آتيها مسئولية، أم يكون فاعلها بنجوة من هذا كله؟ ويوضح معنى ذلك الأمثلة الآتية: (1)
من الناس من يأتي أعمالا وهو نائم، كالذي ينام ويترك المصباح مشتعلا بجواره ثم تبدو منه حركة لا يحس بها تقلب المصباح فتصيب النار شيئا تحرقه، أو يقوم وهو نائم فيعثر بطفل على مقربة منه فيصيب منه عضوا. (2)
شخص من عادته النسيان، علم أن جماعة يأتمرون بزيد من الناس، وأنهم اتخذوا لتنفيذ جنايتهم موعدا بعد يومين مثلا، فاعتزم تنبيه المؤتمر به، إلا أنه أرجأ ذلك حتى نسي الأمر، فإذا الجناية نافذة دون أن يملك لها ردا. (3)
رجل يعلم من نفسه أنه يثور للبادرة التي تبدر من غيره، وأنه إذا ثار تملكه الغضب وخرج عن وعيه، ومع علمه ذلك من نفسه ذهب لأحد الأندية التي هي مظنة إثارة غضبه فحدث ما كان يخشاه، وأتى بما يعد منكرا من الأعمال أو الأقوال.
بالتأمل نرى أن هذه الأعمال وأمثالها غير إرادية؛ إذ لم يتعمد النائم أن تتصل النار بأدوات الدار، ولا أن يكسر عضوا من الطفل النائم بجواره، ولم يتعمد كذلك الذي علم نبأ الاتفاق على قتل فلان من الناس ألا ينذره بالشر الذي بيت له، ولم يرد الغضوب في المثال الثالث سب أو ضرب من تعدى عليه حين أخذته سورة الغضب؛ لهذا كان لكل منهم أن يعتذر عن أعماله بأنه لم يفكر فيها، ولم تصدر عن إرادته.
ولكن هل يقبل علم الأخلاق هذا العذر، فيعفي صاحبه من المسئولية الأخلاقية ويخرج هذه الأعمال وأمثالها من موضوعه؟ نستطيع أن نؤكد أن الجواب بالسلب لا بالإيجاب، فهذه الأعمال يبحث فيها علم الأخلاق، ويرتب على صاحبها مسئولية خلقية؛ لأنها وإن صدرت عن غير إرادة وتفكير، ولكن كان في الإمكان الحيطة لها وتبين نتائجها وقت الانتباه والاختيار، ويوافق هذا ما اختاره المحققون من المفسرين في معنى قوله تعالى:
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، فإن التماس عدم المؤاخذة على النسيان أو الخطأ دليل أن ذلك مظنة المؤاخذة واللوم والمسئولية.
وقصارى القول أن الأعمال التي يبحث فيها علم الأخلاق هي الأعمال الإرادية، والأعمال التي وإن كانت وقت صدورها لا دخل للمرء فيها ولا صلة له بها، ولكن كان من الممكن الاحتياط لها حين كان المرء في فسحة من الوقت له انتباهه واختياره. أما الأعمال التي ليست من هذا القبيل، كالآلية والمنعكسة، فليست من موضوع علم الأخلاق في قليل أو كثير. (3) تقسيمه إلى نظري وعملي
يجرنا البحث في تقسيم الأخلاق إلى أخلاق علمية نظرية وفنية عملية، إلى بيان معنى العلم والفن أولا.
Bilinmeyen sayfa