Siyasi Felsefede Temeller
ركائز في فلسفة السياسة
Türler
وذلك لأن الماركسية وضعت من أجل تغيير الأوضاع؛ فقد آمن ماركس بأن ما تقاسيه الطبقة العاملة لا يرجع إلى ظلم أفراد لأفراد، بقدر ما يرجع إلى النظام الاجتماعي الفاسد الذي لا بد من تغييره؛ فكان بهذا مخالفا لسنة الفلاسفة في الاقتصار على محاولة الفهم والوعي والتوضيح، دون محاولة التغيير. وقد أكد ماركس أن الإنسان لكي يستطيع أن يغير العالم يجب عليه أولا فهم المادة التي يتناولها فهما علميا، فتصبح سيطرته على تطور المجتمع أشبه بسيطرته على سير الطبيعة. وضع ماركس أساس هذا الفهم بما أسماه المادية الجدلية
Dialectical Marterialism .
المادية - وهي أسبق في فكر ماركس من الجدلية - هي المذهب الذي يفسر كل شيء بالعلل المادية وحدها، وهي هنا مادية تاريخية؛ بمعنى أنها لا تؤمن بأية عوامل غير مادية لتطور المجتمع وتحرك التاريخ، لا علمية ولا فلسفية ولا دينية ولا غيرها، فكل هذا بنية فوقية، ما يحركها ويحرك التاريخ هو البنية التحتية التي تكمن خلفها، وهي العوامل المادية؛ أي الأحوال الاقتصادية التي تتمثل في صورتين:
قوى الإنتاج: أي المصادر الطبيعية كالمواد الخام والطاقة ورأس المال والتكنولوجيا والأيدي العاملة.
علاقات الإنتاج: أي التقسيم الطبقي للمجتمع، فما يضفي على المجتمع طابعه المعين هو نظام العلاقات التي تحكم عملية الإنتاج فيه.
تلك العوامل المادية هي القوة الأساسية التي تحدد هيئة المجتمع وطابع التنظير الاجتماعي والاقتصادي فيه، وتقرر تطور المجتمع من نظام إلى آخر؛ فهي أسلوب الحصول على وسائل المعيشة الضرورية لحياة الناس، أي أسلوب إنتاج الحاجات المادية الضرورية كالغذاء والملبس والمسكن. لقد استفاد ماركس كثيرا من أبحاث لودفيج فويرباخ
L. Feuerbach (1804-1872م) في إثبات هذه المادية، وفي دحض الفكر الديني واعتباره أفيون الشعوب من حيث يجعلها تساعد على تسكين الأمر الواقع الفاسد، ممنيا إياها بالجزاء في الحياة الآخرة.
غير أن ماركس مع كل هذا لم يعتبر المادية التاريخية مذهبا فلسفيا جديدا، بقدر ما كان يعتبرها أسلوبا علميا مفيدا في التحليل الاجتماعي والتاريخي، وقاعدة للاستراتيجية السياسية؛ فهي أساس الفهم العلمي لمسار التاريخ.
وهذه المادية التاريخية تتميز عن المادية التقليدية بأنها جدلية. الجدل أي منطق هيجل هو منهجها، وهذا يعني أنها تنفي أية سكونية عن العالم والطبيعة، وترى في الحركة والتغير الدائمين أساس فهمهما؛ فأي حادث من حوادث الطبيعة لا يمكن فهمه إذا نظرنا إليه منفردا، ويمكن فهمه وتبريره إذا نظرنا إليه من حيث ارتباطه بالحوادث الأخرى، ومن حيث إنه في تغير مستمر وحركة مستمرة.
هذه الحركة - وأية حركة سواء في الطبيعة أو في الفكر - لا بد أن تسير عبر خطوات الجدل الهيجلي الثلاث: (1)
Bilinmeyen sayfa