وفضيلة الإسلام الكبرى أنه يفتح للمسلمين أبواب المعرفة، ويحثهم على ولوجها والتقدم فيها، وقبول كل مستحدث من العلوم على تقدم الزمن، وتجدد أدوات الكشف ووسائل التعليم، وليست فضيلته الكبرى أنه يقعدهم عن الطلب، وينهاهم عن التوسع في البحث والنظر؛ لأنهم يعتقدون أنهم حاصلون على جميع العلوم.
الأسباب والخلق
من المتفق عليه اقتران الحوادث بالأسباب، يقول بذلك العلماء والفلاسفة كما يقول به عامة الناس في أقوالهم التي تجري مجرى العادة.
فالأسباب موجودة لا خلاف فيها من أحد، ولكن الخلاف الأكبر في السبب: ما هو؟ وماذا يعمل؟ وهل الأسباب العاملة عنصر مستقل في الكون، والحوادث المعمولة عنصر آخر يخالفه في الكنه والقوة؟ وهل السببية قوة تنتقل بين الأشياء والحوادث، أو هي قوة خاصة ببعض الأشياء والحوادث؟
لكل شيء سبب، ما في ذلك خلاف.
ولكن ما هو السبب؟
هل هو موجد الشيء الذي خلقه ولولاه لم يخلق؟
أو هو حادث سابق للشيء، أو مقترن به يلازمه كلما حدث على نسق واحد؟
أما أن السبب هو موجد الشيء فيمنعه في العقل اعتراضات قوية كأقوى ما يكون الاعتراض في المسائل الفكرية.
فكل ما يقرره العقل وهو واثق منه أن سبب الشيء يسبقه، أو يقترن به كلما حدث على نسق واحد.
Bilinmeyen sayfa