11
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض .
12
يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا .
13
فالحياة الروحية في الإسلام تجري على سنن القصد الصالح للحياة البشرية، لا استغراق في الجسد، ولا انقطاع عنه في سبيل الآخرة، قوام بين هذا وذاك.
وإذا كان الإسلام قد عرف أناسا من «النساك» الذين تفرغوا للمطالب الروحية فإنما كان ذلك على سنة التخصص في كل مطلب من مطالب الحياة الإنسانية، ولم يكن من قبيل الإلغاء أو التعطيل لمطلب من هذه المطالب الضرورية.
فليس في تخصيص إنسان لعلم الطب مثلا إلغاء أو تعطيل لغيره من العلوم الشريفة التي يتم بها قوام المعارف الإنسانية، وليس في التخصص إيجاب واستنكار وإنما هو سبيل التعميم والاستفادة من كل ملكة في الذهن والذوق والروح، ولا يوجب الإسلام التنسك على جميع المسلمين؛ لأن أناسا منهم تخصصوا له وفضلوه على مطالب الروح أو مطالب الجسد الأخرى، ولكنه يجيزه بالقدر الذي بيناه، وهو القدر الذي لا غنى عنه في تدبير حياة الإنسان.
فالملكات الإنسانية أكثر وأكبر من أن ينالها إنسان واحد، ولكنها ينبغي أن تنال، فكيف يمكن أن تنال؟
إنها لا تنال إلا بالتخصص والتوزيع، ولا يتأتى هذا التخصص أو هذا التوزيع إذا سوينا بينها جميعا في التحصيل وألزمنا كل أحد أن تكون له أقساط منها جميعا على حد سواء.
Bilinmeyen sayfa