Yüz Yılda İngiliz Felsefesi (Birinci Bölüm)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Türler
وفي هذا الصدد يبدو المطلق عند برادلي على أنه ناتج عن رغبة، وتحقيق متخيل لها. والواقع أن في كتابه فقرات نستطيع أن ندرك فيها تلك العاطفة العميقة، التي ترقى أحيانا إلى مرتبة الشوق الصوفي، والتي كان يسعى بها وراء المطلق ليصبح وإياه واحدا؛ ذلك لأن المطلق، على أية حال، ليس رتابة خاوية مملة، إذ أنه يضم كل ما في الفردي والجزئي من ثراء وتنوع، ويحتفظ به في داخله، وهو على أسوأ الفروض لا يمكن أن يكون أفقر من عالم المظهر الحسي، بل إنه ينبغي أن يكون أثري إلى حد لا متناه من أي شيء تمدنا به تجربتنا الحالية، فلا شيء يضيع فيه. «إن كل لهيب انفعالي ، عفيف أو شهواني، يظل يشتعل في المطلق دون أن يرتوي أو تخف حدته، فهو نغمة يستوعبها التوافق المميز لسكينته وطمأنينته الرفيعة.» ولكن كيف تدخل المظاهر في المطلق وتكون جزءا من طبيعته؟ من المحال قطعا أن يكون ذلك بالصورة التي نعرفها بها الآن، أي بما تتميز به في حالتها الراهنة من اضطراب وحيرة، بل ينبغي أن تتغير هيئتها ويعاد تشكيلها لكي تلائم الحياة العليا والكاملة، وليس في وسعنا أن نذكر كيف يحدث ذلك في كل حالة، بل كل ما نملك أن نفعله هو الاكتفاء بالتخمين والترجيح، فعناصر التجربة، من شعور وإرادة وفكر أيضا، ستكون هناك، ولكنها لن تعود في حالة شقاق. فلا بد من وجود إرادة حيث يغدو المثل الأعلى حقيقة واقعة. على أن الفكر ينبغي أن يطرأ عليه تبدل عميق، فسيكون ماثلا بوصفه حدسا أعلى، وبذلك يفقد طابعه المميز، ويلتهم ذاته عند بلوغه مثله الأعلى، ويعلى عليه عند الاهتداء إلى ذلك العلو الذي يكون البحث عنه ماهيته ذاتها. وواضح أن برادلي يعني هنا بالفكر ذلك الفكر العلائقي المقالي، والنشاط المتناهي للذهن، لا الفاعلية المطلقة للعقل، ولو كان فقط قد توسع في هذا الفهم الضيق المحدود الفكر في اتجاه «الفكرة المطلقة
Idea » عند هيجل، لوجد ما كان يبحث عنه دون جدوى.
ولا يستثنى الخطأ والشر من عملية التحول الكبرى التي تدمج بها المقولات والمظاهر المتناهية في المطلق، ففيما يتعلق بالخطأ، يكون معنى هذا الاندماج أنه لا يمكن وجود تعارض أساسي بين الحقيقة والخطأ، وإنما الأمر كله أمر درجات من هذا وذاك، فالخطأ في الواقع «هو» الحقيقة، أي هو الحقيقة الجزئية الناقصة، التي نتأملها من وجهة نظر فهمنا المحدود القاصر، أما في التجربة الكلية فإنه يصحح ذاته ويختفي. ومن الواضح أن برادلي هنا لا يحل هذه المشكلة الخطيرة غاية الخطورة، وإنما يكتفي بالزيغ والتهرب منها. ولا جدال في أن الهجمات العنيفة التي وجهها خصوم برادلي، ولا سيما البرجماتيون، إلى نظريته في الخطأ، قد مست نقطة شديدة الضعف في مذهبه.
كذلك يتضح أن الألم والشر، شأنهما شأن الخطأ، متمشيان مع الكمال المطلق، ولا ينكر برادلي أن لهما وجودا فعليا، ولكن المسألة التي يهتم بها هي طريقة التحول الذي يمكن أن يطرأ عليهما. وهو هنا يلجأ إلى تشييه، فمن التجارب المألوفة أن الألم البسيط يمكن أن يستوعب في لذة أعظم، فيختفي نتيجة لذلك، صحيح أن شدة هذه اللذة ستقل عندئذ، غير أن الشعور في مجموعه يمكن أن يظل شعورا باللذة، فمن الممكن إذن، إذا ما حسبنا مجموع الأمور حسابا شاملا، أن تطغى اللذة على الألم وترجح كفتها عليه. ويبدو أن هذا الإمكان المحض يزيح، بالنسبة إلى برادلي، آخر عقبة تقف في وجه كمال المطلق، فهو حين ينتقل إلى مشكلة الشر، يذهب إلى أن الشر لا يوجد إلا في التجربة الأخلاقية، وإلى أن التجربة الأخلاقية في أساسها حافلة بالتناقض، وأن هناك رغبة ديالكتيكية تدفعها إلى العلو على هذا التناقض في مجال أعلى - أي فوق الأخلاقي - من مجالات الوجود. وهكذا يدخل الشر في خدمة الخير، مستهدفا تحقيق هذا الأخير، وإن يكن ذلك عن كره منه، وهنا أيضا، كما في حالة الخطأ، يختفي التعارض إذا ما وسع مجال الإشارة بما فيه الكفاية «فكل ما نحتاج إلى فهمه هنا هو أن «مقصد السماء»، إذا ما كان لنا أن نتحدث على هذا النحو، يمكن أن يحقق ذاته بنفس الفعالية في كاتيلينا
Catiline
80
وبورجيا
Borgia
81
مثلما يتحقق في صاحب الضمير الحي أو في البريء الساذج.»
Bilinmeyen sayfa