Felsefenin Türleri ve Sorunları

Fuat Zakariya d. 1431 AH
153

Felsefenin Türleri ve Sorunları

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

Türler

ولقد كانت فكرة مغالطة المذهب الطبيعي ترتبط عادة بالاعتقاد بأن هناك انقساما ثنائيا دائما بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون؛ أي بين الواقع والقيمة، والمعياري والوصفي.

2

ويرى مور وأتباعه من خصوم المذهب الطبيعي أن هذه المغالطة تنشأ كلما حاولنا عبور الهوة بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، وبخاصة إذا حاولنا أن نستخلص الأخير من الأول. والمثل المألوف لهذه المحاولة هو القول بأن اللذة خير لأن كل الناس يسعون إليها، وبذلك نستمد القيمة من الواقع في هذه الحالة. أما خصم المذهب الطبيعي، أو الحدسي، فيتساءل دائما، كلما سمع استدلالا كهذا: «ما شأن هذا بالموضوع؟ هل يصبح خيرا لمجرد كون الناس يرغبون فيه - وفي هذه الحالة، كم يجب أن يكون عدد هؤلاء الناس؟ وما هي النسبة المئوية من الجنس البشري التي ينبغي أن تتفق في رغباتها قبل أن تصبح هذه الرغبات خيرا - أم أن من الممكن أن تعد رغبة شخص واحد، مهما تكن مضادة للمجتمع، خيرا؟»

لقد اقتبسنا من قبل سؤال اسبينوزا المشهور في هذه النقطة: هل نرغب في الأشياء لأنها خير في ذاتها، أم أننا نقتصر على تمجيد رغباتنا وتبريرها إذ نسمي موضوعها «خيرا»؟ لقد انحاز اسبينوزا إلى الرأي الثاني، كما فعل معاصره الإنجليزي «توماس هوبز»، الذي كتب يقول: «إن الإنسان يسمي «خيرا» كل ما هو موضوع لشهوته أو لرغبته». وقد اتفقت معظم أشكال المذهب الطبيعي في الأخلاق مع مفكري القرن السابع عشر هذين. غير أن الحدسيين من أمثال مور يختارون الرأي الأول على نحو قاطع. فالخيرية كامنة في بعض الموضوعات والمواقف، مثلما أن اللون الأصفر كامن في أشياء معينة. وفي استطاعتنا أن نمضي في التشبيه أبعد من ذلك: فكما أن اللون، من حيث هو تجربة، يستحيل تعريفه، ولا يمكن أن يعرف إلا بالمواجهة المباشرة لأشياء ملونة، فكذلك لا تعرف القيمة أو الخيرية إلا بالحدس، عن طريق كشفها في الموضوعات والمواقف. فمن المستحيل الاستدلال عليها أو المناقشة حولها. فالخيرية كامنة، وإذا كان هناك فرد معين يعجز عن إدراكها فلا بد أن نفترض أن هناك عمى أخلاقيا مثلما أن هناك عمى للألوان.

ولعل «دافيد هيوم» كان أول من أدرك أن المفكرين الأخلاقيين كثيرا ما يتحولون من الواقع إلى القيمة؛ أي مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون - في مرحلة معينة من مناقشتهم، وأن معظم أنصارهم كانوا يقبلون هذا التحول بسهولة دون نقد. والواقع أن تعليق هيوم على هذا الموضوع جدير بأن يقتبس بأكمله: «لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أضيف إلى هذه الاستدلالات ملاحظة ربما تبين أن لها بعض الأهمية. ففي كل مذهب أخلاقي صادفته من قبل ، لاحظت دائما أن الكاتب يمضي بعض الوقت في الطريق المألوف للاستدلال، ويثبت وجود الله، أو يقوم بملاحظات عن أمور البشر، ولكني أندهش إذ أجد فجأة ، بدلا من الروابط المعتادة للقضايا، وهي «يكون» أو «لا يكون»، أن كل القضايا ترتبط بألفاظ «ينبغي» أو «لا ينبغي». هذا التغير لا يمكن إدراكه، ولكن له مع ذلك أهمية كبرى. ذلك لأنه لما كان لفظ «ينبغي» و«لا ينبغي» هذا يعبر عن علاقة جديدة أو تأكيد جديد معين، فمن الضروري أن يلاحظ ويفسر، وفي الوقت ذاته فمن الضروري تقديم سبب لما يبدو أمرا لا يتصور على الإطلاق، وهو كيفية استنباط هذه العلاقة من غيرها من العلاقات التي تختلف عنها كل الاختلاف. ولكن لما كان الكتاب لا يحتاطون على هذا النحو عادة، فسوف أوصي القراء بذلك وأنا على ثقة أن قدرا بسيطا من التنبه إلى هذا الأمر كفيل بهدم جميع المذاهب الفجة في الأخلاق، وجعلنا ندرك أن تمييز الرذيلة من الفضيلة لا يبنى فقط على علاقات الأشياء، ولا يدرك بالعقل».

3

وبعبارة أكثر إيجازا، فإن هيوم يقول إننا لا نستطيع استخلاص نتائج أخلاقية من مقدمات غير أخلاقية. ويمضي الحدسيون أبعد من ذلك بكثير، فيؤكدون أننا لا نستطيع تعريف المفاهيم الأخلاقية على أساس مفاهيم غير أخلاقية؛ ذلك لأن عالم الأخلاق أو القيمة منفصل تماما عن العالم غير الأخلاقي ولا يمكن أن يرد إليه، ما دامت الكيفيات الأخلاقية مختلفة في النوع كل الاختلاف عن الكيفيات غير الأخلاقية.

وهناك قائمة طويلة للأشياء التي ينكر الحدسيون أن القيمة يمكن أن ترد إليها على التخصيص، ولكن من المفيد أن نذكر بعضها؛ إذ إن من المحتمل أن يكون القارئ نفسه قد قام بعملية رد كهذه؛ ولذا يحسن به أن يتنبه إلى ما فعل. ولا شك أن إيراد قائمة «الرد» هذه سوف يقتضي الكلام عن كثير من المدارس المتنافسة في التفكير الأخلاقي، ولكن لما كنا قد ناقشنا من قبل عدة مدارس من هذه، فسوف يكون عرضنا لهذه المدارس موجزا.

القيمة ليست عملية طبيعية : ينكر المذهب الحدسي، كما هو واضح، إمكان إرجاع القيمة إلى عملية طبيعية أو ما يترتب عليها. ومن ثم فهو يرفض الأخلاق التطورية، التي ترى أن القيمة هي آخر الأمر كل ما يعين على البقاء أو يحقق مصلحة النوع.

بل إن الحدسيين يأبون أن يدرجوا صفات بشرية رفيعة، كالتعاون والتعاطف (التي يعتقد بعض التطوريين، ومنهم دارون، أنها نواتج للانتقاء الطبيعي)، ضمن القيم التي يعترفون بها إذا كان أساس قبولها هو أنها تساعد البشر. وليس معنى ذلك أن مفكرا مثل مور ينكر أن التعاطف والتعاون من ضمن القيم، وإنما هو ينكر أن تكون هاتان خيرا لأن لهما قيمة تفيد في حفظ النوع، أو لأنهما تخففان من مصاعب الحياة البشرية، أو لأنهما تستتبعان نتائج طيبة. ولنقل مرة أخرى إن هذه الصفات كامنة؛ أي إنها خير لأنها خير، لا لأي سبب يعد وسيلة لشيء آخر.

Bilinmeyen sayfa