Fakhrî Fi Âdâb el-Sultaniyye ve'd Devlet ül-İslamiyye

İbn Tıktaka d. 709 AH
81

Fakhrî Fi Âdâb el-Sultaniyye ve'd Devlet ül-İslamiyye

الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

Araştırmacı

عبد القادر محمد مايو

Yayıncı

دار القلم العربي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Yayın Yeri

بيروت

كذبا، فإن كانوا كاذبين فإن قوما يحفظون أسرارهم هذا الحفظ، ولا يختلفون في شيء. وقد تعاهدوا على كتمان سرّهم هذا التعاقد، بحيث لا يظهر أحد سرّهم- لقوم في غاية الشدّة والقوة وإن كانوا صادقين فهؤلاء لا يقف حذاءهم أحد. فصاحوا حوله، وقالوا: الله الله أن تترك ما أنت عليه لشيء رأيته من هؤلاء الكلاب، بل صمّم على حربهم. فقال رستم: هو ما أقول لكم. ولكنني معكم على ما تريدون. ثم اقتتلوا أياما كان في آخرها انعكاس الريح عليهم حتّى أعماهم الغبار، فقتل رستم، وانفلّ [١] الجيش، وغنمت أموالهم وأجفل [٢] الفرس يطلبون مخاضات دجلة ليقعوا في الجانب الشرقيّ وقد تبعهم سعد عبر المخاضات، وقتل منهم مقتلة عظيمة أخرى بجلولاء [٣]، وغنم أموالهم وأسر بنتا لكسرى ثم كتب سعد إلى عمر- ﵄ بالفتح، وقد كان عمر في تلك الأيّام شديد التطلّع إلى أمر الجيش، فكان كلّ يوم يخرج إلى ظاهر المدينة راجلا يتنسم الأخبار، لعلّ أحدا يصل فيخبره بما كان منهم، فوصل البشير من عند سعد بالفتح فرآه عمر فقال له: من أين جئت؟ قال: من العراق، قال: فما فعل سعد والجيش؟ قال: فتح الله عليهم. كلّ ذلك والرّجل سائر على ناقته وعمر يمشي في ركابه، وهو لا يعلم أنه عمر. فلمّا اجتمع الناس وسلّموا على عمر بإمرة المؤمنين عرفه البدويّ فقال: هلا أعلمتني- رحمك الله- أنّك أمير المؤمنين؟ قال: لا بأس عليك يا أخي. ثمّ كتب عمر إلى سعد: قف مكانك ولا تتبعهم، واقتنع بهذا، واتّخذ للمسلمين دار هجرة ومدينة يسكنونها، ولا تجعل بيني وبينهم بحرا، فاتّخذ لهم سعد الكوفة، واختطّ بها المسجد الجامع، واختط الناس المنازل ومصرّها [٤] سعد، ثم حكم في المدائن، وملك الكنوز والذّخائر.

[١] انفلّ الجيش: هزم وتفرّق فلولا. [٢] أجفل: خاف وفزع. [٣] جلولاء: موقع بين العراق وبلاد فارس فيه انتصر المسلمون على يزدجرد الثالث آخر الملوك الساسانيّين. [٤] مصرها: جعلها مصرا أي مدينة للإقامة بها.

1 / 86