فقلت على سبيل العزاء لهم ولي معا: كل شيء ممكن، وليسدد الله خطانا في المرة القادمة.
القضية
دهمتني قضية من حيث لا أدري. زوجة أبي تطالبني بنفقة شرعية. استيقظت من غيابات الزمن وغزاني الماضي بذكرياته. وهتفت بعد أن قرأت عريضة الدعوى: متى أفلست؟ .. هل سرقت بدورها؟! وقلت لمحامي: هذه المرأة سرقتنا وحرمتنا من حقنا المشروع.
أفلتت مني رغبة قوية في رؤيتها. لا بإغراء الشماتة، ولكن لأرى ماذا فعل الزمان بها. هي اليوم مثلي في الأربعين، فهل صمد جمالها للأيام؟ وهل يثبت أمام الفقر؟ لولا صدق دعواها لما مدت يد السؤال إلى عدو من وكر الأعداء. ولو كانت كاذبة فلم لم تمدها من قبل؟ شد ما كانت جميلة فتانة. قلت للمحامي: تزوجها أبي وهو في منتصف الحلقة السادسة، وهي بنت عشرين.
مقاول بناء شبه أمي، دقة قديمة، لا يتعامل مع البنوك، يكنز أرباحه في خزانة كبيرة بحجرة نومه، نسعد بذلك طالما أننا أسرة واحدة، وينفجر نبأ الزواج الجديد بيننا مثل قنبلة. أمي وأخي الأكبر وأنا وأخواتي في بيوتهن. وينفرد الدور الأعلى بأبي والعروس والخزانة. صعقنا لحداثة سنها وجمالها. وقالت أمي بصوت متهدج باك: يا للخراب، سنخرج من المولد بلا حمص.
أخي الأكبر أمي، متخلف العقل، بلا عمل وإن اعتبر نفسه من الأعيان، اشتعل غضبا وقال: سأدافع عن نفسي حتى الموت!
نصحنا بعض الأقارب باستشارة محام، ولكن أبي هدد أمي بالطلاق عند أي مبادرة، وقال لنا: لست غرا ولا أبله ولن يضيع حق.
أنا أقلهم تأثرا بالكارثة؛ لحداثة سني ولأني الوحيد في الأسرة الذي رغب في التعليم حتى التحقت بالهندسة، ولكن لم تخف عني معاني الحوادث مثل سن أبي وعروسه الحسناء والثروة المهددة. وعلى سبيل التلطيف أقول: إني مطمئن إلى أبي.
فيقول أخي: إذا سكتنا فسنجد الخزانة خاوية.
أشاركه مخاوفه، وأتظاهر بغير ما أبطن، وأشعر طيلة الوقت بأن الواحة التي كانت مطمئنة تعصف بها ريح عاتية، وتتجمع في أفقها سحب سوداء. لاذت أمي بجحر الصمت والخوف، وأنذرها الغد بسوء المصير. أما أخي الأكبر فيقتحم عرين الأسد، ويتوسل إلى أبيه قائلا: أنا البكري، جاهل كما ترى ولا مورد لي، أعطني نصيبي.
Bilinmeyen sayfa