لقد كان هم المؤلف أن يضع في هذا المجلد الترجمة الإنجليزية لكل المصادر الهامة التي أخذ عنها، أو ترجمة النبذ التي وجدت ضرورية لتدعيم التدرج التاريخي اللازم. على أن القارئ لم يثقل كاهله في معظم الكتاب بذكر أسماء المصادر، وفيما يختص بمتون الأهرام العظيمة فإن القارئ الذي يريد أن يرجع إلى تحقيق مصادرها فإنه يجدها في «محاضرات مورس» المطبوعة للمؤلف. وقد أخذ عنها المؤلف بكثرة دون أن يضع علامات اقتباس، ويجب على القارئ أن يلاحظ في الترجمة الإنجليزية ما يأتي:
الكلمات التي وضعت بين نصفي قوسين [هكذا] تدل على أن معناها ليس محققا في الأصل.
الكلمات التي وضعت بين قوسين تعتبر تصحيحا مفروضا فيه، إما أنه قد كان موجودا في الأصل ثم فقد الآن، وإما أن يكون هو المعنى الذي يفهم من الأصل بالتغليب.
الكلمات التي توضع بين شرطتين هي تفسيرات من عند المؤلف ولا وجود لها في الأصل.
الفصل الأول
الأساس والماضي الجديد
تطالعنا الصدف أحيانا في بعض بقاع أوروبا بوجود أثرين متجاورين - بصورة تدعو إلى الغرابة - أحدهما ينتسب إلى أقدم عصور متوحشي ما قبل التاريخ، والثاني ينتسب إلى ما يسمى المدنية الحديثة، وكلا الأثرين يمثل تاريخ الجنس البشري في عصره. فأولهما يمثل التاريخ القديم وثانيهما يتحدث عن التاريخ الجديد؛ أي أقدم عصر وأحدث عصر يمكن اقتفاؤهما في مجال حياة بني البشر. ففي شمال فرنسا وعلى أديم تلك التلال المشرفة على «نهر السوم» والتي كانت مسرحا لكثير من المواقع الحربية، انغرست الألوف من شظايا قذائف الفولاذ على عمق كبير في المنحدرات والمستويات التي مهدها النهر لنفسه منذ أزمان خلت، واليوم بعد أن سكتت المدافع الضخمة التي كانت ترمي تلك القذائف، يستطيع المرء بعد أن يعمل بفأسه بضع دقائق في حافة الوادي، أن يرى «البرت» (البلطة) المصنوعة من الظران، وهي من أقدم ما خلفه الإنسان من الأسلحة تجاور نثارا من شظايا مسننة، لقذائف الفولاذ المفرقعة، فبالآلة الأولى كان يستطيع أول أجدادنا المتوحشين أن يهشم جمجمة خصمه فيودي بحياته، وبالمهلكات الثانية اعتاد نسله المتحضر أن ينسف عدوه ويمزقه إربا.
وفيما بين الجارتين (البرت والشظايا) يقع تاريخ حياة بني الإنسان، وهو قصة لا يقل عمرها عن عدة مئات من آلاف السنين، بل ربما بلغ مليون سنة. وقد كان المجهود البشري خلال هذه السنين يسير بالإنسان من طور إلى طور حتى انتقل من الطرق الفطرية للهلاك إلى تلك الطرق البالغة حد التفنن في السحق والتدمير.
إن تاريخ حياة الإنسان هو في الغالب قصة التغلب على القوى المادية بتدابير منوعة لا حصر لها من الآلات والعدد، ولكن لا ننسى بجانب ذلك النتائج الصناعية والاجتماعية والسياسية والفنية والعقلية التي نجمت عن اختراعها؛ فأسطوانة الآلة البخارية أو آلة الغاذولين هي رمز العصر الحاضر، كما أن «البرت» المصنوعة من الحجر هي العلامة الدالة على حياة العصر الحجري الذي يرجع عهده إلى ألف ألف سنة على الأرجح،
1
Bilinmeyen sayfa