Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
Yayıncı
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ورسالته إليهم وإلى الخلق كافة، فإنهم كانوا يزعمون أنه صلى الله تعالى عليه وسلم مبعوث إلى العرب خاصة، فإقرارهم بهذا الطريق لا يكون خالصًا. ثم التصديق ركن حسن لِعَينِه، لا يحتمل السقوط في حال من الأحوال بخلاف الإقرار فإنه شرط أو شطر، وركن حسن لغيره، ولهذا يسقط في حال الإكراه وحصول العذر، وهذا لأن اللسان ترجمان الجنان، فيكون دليل التصديق وجودًا وعدمًا، فإذا بدله بغيره في وقت يكون متمكنًا من إظهاره كان كافرًا، وأما إذا زال تمكنه من الإظهار بالإكراه، لم يصِرْ كافرًا، لأن سبب الخوف على نفسه دليل ظاهر، على بقاء التصديق في قلبه، وأن الحامل على هذا التبديل، حاجته إلى دفع المهلكة عن نفسه، لا تبديل الاعتقاد في حقه، كما أشار إليه قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم﴾ ١. فأما تبديله في وقت تمكنه، فإنه دليل على تبديل اعتقاده، فكان ركن الإيمان وجودًا وعدمًا ٢.
فإذًا أبو حنيفة ﵀ يجعل الإيمان مركَّبًا من جزئين، أحدهما: أصلي ثابت، لا يحتمل السقوط أبدًا، وهو التصديق، وثانهما: يمكن سقوطه، والتجاوز عنه لوجود ملابسات تمنع من الوفاء به، وهو الإقرار.
ويزيدنا إيضاحًا وتأكيدًا لما تقدم، ما ذكره ﵀ في كتاب «العالم والمتعلم»، حيث قال: والناس في التصديق على (ثلاثة) ٣ منازل: فمنهم من يصدق بالله وبما جاء منه بقلبه ولسانه. ومنهم من يصدق بلسانه، ويكذب بقلبه. ومنهم من يصدق بقلبه، ويكذب بلسانه٤.
_________
١ النحل: ١٠٦.
٢ ملا علي بن سلطان القاري، شرح الفقه الأكبر، ص٨٥، ٨٦، ط طبعة الحلبي، مصر سنة ١٣٧٥هـ.
٣ هكذا في الأصل المطبوع، والصحيح: ثلاث منازل.
٤ أبو حنيفة، العالم والمتعلم، تحقيق محمد رواس، وعبد الوهاب الندوي، ص٥٢، ط١ مطبعة البلاغة، حلب سنة ١٣٩٢هـ،
1 / 96