وقال ابن عبد الملك: «وكان من أئمة المقرئين المجوّدين، وجلة المحدّثين المسندين ثقة فيما يرويه، رضى مأمونا، متسع الرّواية، أخذ عن النّظير والكبير والصغير، حتى اجتمع له في القراءات ما لم يجتمع لغيره من نظرائه. وكان متفنّنا في علوم اللّسان، متقدّما في النحو واللغة منها» (١).
ووصفه الإمام الذهبي في «السير» بالشيخ الإمام البارع الحافظ المجّود المقرئ الأستاذ عالم الأندلس (٢)، وقال في موضع آخر: «وكان مكثرا إلى الغاية تصدّر بإشبيلية للإقراء والتسميع وكان قائما على الصّناعتين، مبرزا فيهما، نحويا لغويا، ثقة رضى، إليه المنتهى في التحرير وإتقان الأصول» (٣)، وأثنى عليه كل من ترجم له.
على أنني لاحظت من المقدمة التي كتبها لفهرسته عدم تمرسه بالحديث الشريف مع سعة روايته، فإنه يكثر من إيراد الأحاديث الموضوعة والتالفة من غير أن ينبّه عليها، وهي آفة استشرت بين العلماء المتأخرين. كما أشار ابن عبد الملك إلى بعض أوهامه التي مصدرها الغفلة التي يقتضيها النقص البشري (٤).
فهرسة ابن خير
عني الكثير من العلماء بإثبات مروياتهم عن شيوخهم فكان كل محدّث يعنى بتدوين أسماء شيوخه الذين أخذ عنهم والمرويات التي سمعها منهم أو أجازوه بروايتها. وكان الكثير منهم يعيد تنظيم هذه المادة العلمية على وفق أساليب معينة، فمنهم من يعنى بترتيب أسماء شيوخه على حروف المعجم،
_________
(١) الذيل ٨/ ٣٠١.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٨٥ - ٨٦.
(٣) معرفة القراء الكبار ٢/ ٥٥٨.
(٤) الذيل ٨/ ٣٠٢.
1 / 10