وبجمعك المفلول كاثرت، فسيأتيك / ٣٩ أ / بدعوانا الخبر اليقين، ولتعلمنّ نبأه بعد حين. ولا تعتقد أنّا لا نقيل عثرتك، ولا نغفر زلّتك. فو الله متى اعتذرت قبلنا عذرك، وعرفنا لك من الخوجداشية قدرك. وأقبلنا عليك، وأحسنّا مع الإساءة إليك. وأويناك حيث تحبّ وتختار، وأريناك بالموافقة على ما تحبّ أن تتديّره لصيانة نفسك المصونة منّا إن رجعت لمن عقبى الدار. وهذا كتابنا ينطق علينا بالحقّ. وقولنا شاهد علينا بما عوّدناه من صدق. وكفى بالله شهيدا. والسلام».
وسيّر إليه الكتاب، فما أجاب ولا أناب، ولا باشر التنصل بنفسه ولا استتاب. بل صمّم على الخطا، ومدّ إلى المقارعة الخطا (^١). فلمّا أيس من إذعانه، ورجوعه عن عدوانه، جهّزت إليه شرذمة من العساكر المنصورة، تقدّمها الأمير علم الدين سنجر الحلبي الكبير، وأكّد عليه مولانا السلطان في أن لا يجرّد سيفا حتى يعذر إليه، ولا يراق دم حتى يعرض الرجوع عليه.
وكتب على يد الأمير علم الدين / ٣٩ ب / أمان من مولانا السلطان له، وسيّر معه خاتمه ومنديله، ومن مضمون الأمان:
«إنّا لا نؤآخذه بما اعتمده، ولا ننقم عليه ولا نضمر له سوءا في اليوم ولا في ما بعده. ولا نحلف فيما التزمناه وعده، وإنه إن حضر إلينا كان بمنزلته وأعلا (^٢)، لا يخاف غيلة ولا خديعة ولا مكرا، وهو الأليق بنا في حقّه والأولى. وإن اختار قلعة يتدبّرها أجبنا اختياره، وبلّغناه أوطاره، هذا أماننا، وو الله والله والله، وتالله وتالله وتالله، وبالله وبالله وبالله إنّا لموفون له إن أجاب ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ (^٣).
فأبا (^٤) إلاّ السيف، وامتنع من قري ما لوفد عساكرنا من حقّ الضيف. وبرز وبارز، وركب في جيش مستعار، وارتكب لمحاربة إخوانه المسلمين عارا وأيّ عار. فحين طلع نجم صنجق مولانا السلطان الشريف كسفت شمسه، وخاب في اليوم أمسه. وهرعت الأمراء الشاميّون إلى صنجقنا فدخلت تحت ظلّه الممدود، وانتهت / ٤٠ أ / إلى حدّ التزامها المحدود.
_________
(^١) الصواب: «الخطى».
(^٢) الصواب: «وأعلى».
(^٣) سورة ص، الآية ٤٠.
(^٤) الصواب: «فأبى».
1 / 64